[رثاء]
محمد جلبي الشهبندر أحد سراة العراق
للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي
- ١ -
تحطْمت الآمال من بعد محمود ... فيا سلوتي شحّى ويا عبرتي جودي
قد اجتُثّ روحٌ كان قبل اجتثاثه ... يزين بأثمارٍ له ألفَ أملود
خلا القصرُ ممن كان للقصر مالئاً ... كأن لم يكن في رُدهتيه بموجود
لقد غمدوا السيفَ الصقيلَ بحفرة ... ويا ليت ذاك السيف ليس بمغمود
تجرّد من جسم تضيق حدودُه ... يجوب فضاءً واسعاً غير محدود
نعاه ليَ الناعي فكان نعيُّه ... كصاعقة أو مثل صدمة جلمود
فأدركني يومٌ من الدهر أسودٌ ... فكان لحزني شرَّ أياميَ السود
- ٢ -
لقد غاب محمودٌ عن الصحب مضطراً ... ولم يبق منه للصديق سوى الذكرى
كأن لم يكن قد سُرّ أصحابهُ به ... ولا هو في يومٍ بأصحابه سُرّا
بربك لا تَلحُ الحزينَ على البكا ... فإنك لا تدري بما فيه قد أورى
تقول عيوني للسحابة أقلعي ... فأنكِ لا تبكين من كبدٍ حَرّى
على كل قبر مقلةٌ ذات عبرة ... وماذا انتفاع القبر بالمقلة العَبرى
قسمتُ بكاَء الشعر بيني وبينه ... فأعطيتُه شطراً وأبقيتُ لي شطرا
ولا تقترح قولاً على الشعر إنه ... بموقفه في يوم محنته أدرى
- ٣ -
لقد ظلَّ للموت الزؤامِ يجاذب ... إلى أن علاه الموتُ والموتُ غالب
أطال الردى همساً بأُذن مريضة ... كأن له ديناً فجاء يطالب
ولو حزتُ علماً بالمقادير جئتُها ... أؤّنبُها فيما أتت وأعاتب
يقولون أمراض به أغرت الردى ... وما هي أمراضٌ ولكن نوائب