للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[هجرة في سبيل الله]

للأستاذ محمد عبد الغني حسن

هَجَرْتَ بِطاَحَ مَكَّهَ وَالشَّعَاباَ ... وَوَدَّعْتَ الْمَنَازلَ وَالرَّحَاباَ

تَخِذْتَ مِنَ الُّدجى ياَ بْدرُ سِتْراً ... وَمِنْ مَرْهُوبِ حُلْكَتِهَ ثِياَبا

فكَيْفَ تَركْتَ خَلْفَكَ كُلَّ شأَنٍ ... وَخَلَّيْتَ الْقَرَابةَ وَالصَّحَابا؟

وَشَرُّ مَوَاطِنِ الإنسان دَارٌ ... يَرَىْ مِنْ أَهْلِهِ فيِهاَ عَذَاباً

يُناَدِيْهمْ فَلاَ يَلْقيَ سَمِيْعاً ... وَيَدْعُوهُمْ فَلاَ يَجِدُ الَجْوَابا

صَبَرتَ وَكُلُّ دَاعِيَةٍ يُلاَقِي ... مِنَ الأَهوَال ماَ يُوْهِي الصَّلاَبا

تَمرُّ بِكَ الَحْوَادِثُ وَهْيَ كَلْمى ... كَأنَّ مِزَاجَهَا الصَّخْريَّ ذَابا

فَمَا أَلقَيْتَ مِنْ رَهَبٍ سِلاَحاً ... وَلاَ خَلَّيْتَ مِنْ نَصَبٍ حِرَابا

تَزيدُك كُلُّ حَادِثةٍ ثَباَتاً ... وَصَبراً فيِ الْمَوَاقِفِ وَانْكِبَابا

أتَعْرِفُ دَعْوَةً للهِ قَامَتْ ... وَكاَنَ قِوَامُهاَ شَهْداً مُذاباَ؟

سَبِيلُ اَلحْقَّ حُفَّتْ بِشَوْكٍ ... وَلمْ تُمْلأَ عَلَى دَعَةٍ رُضَاباَ

وَمَا غَلَبَ اللَّيَاِليِ مِثْلُ قَلْبٍ ... تَجَرَّعَ كَأْسَهاَ عَسَلاً وَصَابا

نَبَتْ بك أرض مَكَّةَ وَهْيَ أَوْفَي ... وَأرْحَبُ فيِ سَبِيلِ الشَّركِ باَباَ

وَضَاَقَتْ بالَحْنِيْفَةِ فيِ إلاَهٍ ... وَمَا ضَاقَتْ بآلهِةٍ جَنَابا

أَمَا عُبِدَتْ بِهاَ الْعُزَّى قَديماً ... أمَا شَبَّ الضَّلاَلُ بِهاَ وَشَابا؟

لَقَدْ وَسَعَتْ الأَدْياَنِ بُطْلاً ... وَلمْ تَسَعِ الَحْقِيقَةَ والصَّوَابا

وَمِنْ عَجَبٍ تُسِيءُ إِليْكَ أَرضٌ ... شَبَبْتَ فمَا أَسَأْتَ بِهاَ الشَّبَابا

مَنَازلُ كُنْتَ تَنْزِلهُاَ طَهُوراً ... وَتَلْقَى الْوَحْيِ فِيهاَ وَالْكِتَابا

فَمَا عَرَفوا عَلَيْكَ بِهِنَّ نَقْصاً ... وَلاَ أَخَذُوا عَلَيْكَ بِهنَّ عَابا

تَقُومُ الَّليْلَ فيِ جَنَبَاتِ غَارٍ ... وَتَقْطَعُهُ زَكَاَةً وَاحْتِسَابا

وَتَدْعُو وَالْمَضَاجِعُ غَارقَاتٌ ... بأَهْلِيهاَ وَتَنَتْظُرِ الثَّوَابا

تُزَلْزِلُ بالدُّعَاءِ ذُرَا (حِرَاءٍ) ... فَلَوْلاَ الله يُمْسِكُهُ لَذَابا

لَقَدْ آذَاكَ أَهْلُكَ فيِ حِمَاهُمْ ... فَكَانَ أَذَاهُمُ الْعَجَبَ الْعُجَابا

<<  <  ج:
ص:  >  >>