للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

في أدب المحاضرة: (الله المصور)

دعينا إلى سماع المحاضرة (الحولية) التي يعدها في كل عام الأستاذ مصطفى شاهين برحبة نادي رمسيس الرياضي.

وكان الموضوع دقيق المأخذ، رقيق الملمس، يستدعي إحاطة شاملة بما اشتمل عليه هذا الكون من المشاهد (المصورة) بتصوير القدرة القادرة، فعانى المحاضر معاناة شديدة خشية أن ينأى به الرأي عن الروح الديني، وكان محتبس الأنفاس، تعيد الإحساس، يريد القول على سجيته؛ فيطويه في صدره، ثم يدينه من أحاسيس المتسمعين الذين يعزب عنهم ما يريد أن يتفرد به من اقتباس (المخلوق) المفتن كل ما أبدعه الفنان الأعظم!.

تحدث عن نظاهر الوجود كوحدة مرتبطة الأجزاء بينها الالتئام، والإنسجام، والتوافق ثم عدد هذه المظاهر، فأشار إلى أن الإبداع فيها متفق مع (البيئة) ومثل بروعة الجليد في سويسرا حينما يكون على أوضاع متباينة، وقال: أنه يظن أن (الجنة) ستكون في بقعة (لبنان) وأن الحياة في الريف المصري تمثل طابع النيل. مما يدل على أن الخالق يرسم على لوح الوجود رسماً يصور طبيعة الحياة!

واستطرد المحاضر يتابع (القمر) في حالاته - وهو في اكتماله -، ويوضح مدى جماله في كل حال، وأنه إذا استمر بدراً كل ليلة كان مدعاة إلى الملالة!؛ ثم استدنى عالم النبات؛ فأبان خصائص القدرة في كل نوع منه، في أسلوب أدبي، لا يخلو من صنعه الأداء اجتذاباً للأسماع.

واستمر يستعرض الصور المتعددة ويقرن بينها وبين تصوير المخلوق في اصطناعه عند إخراج صوره باعتماده على الظلال، وتوزيع الأضواء، وبراعة الإخراج ثم خلص إلى أن الفن مأخوذ عن (الطبيعة) المبتدعة بإبداع المصور الأول!

وكانت المحاضرة على دقتها، واستبهامها، وغموضها طريقة، تدل على استعداد طيب في التفرد بالرأي على الرغم مما يحيط به!.

أما لغة المحاضرة؛ فكان يغلب عليها الطابع الإنشائي في الأداء، والتعبير. مع التأنق، والاختيار، والتنابق.

<<  <  ج:
ص:  >  >>