للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[هل الأدب قد مات؟]

الدولة تخنق الأدب!

- ٣ -

للأستاذ سيد قطب

قبل أن نولد تلك المخلوقة الهزيلة المفككة المسماة: جامعة الدولالعربية. . كانت هنالك جامعة ضخمة قوية راسخة للأمة العربية خلقتها الأقلام: أقلام الأدباء والشعراء والكتاب والمفكرين والعلماء. .

. . . وكانت هنالك صلة وثيقة بين كل قلب وقلب وكل روح وروح وكل فكر وفكر في شتى أقطار العربية، يحملها الكتاب، وتحملها الصحيفة، وتحملها الجريدة، ويلتقي عليها المثقفون والقراء في شتى الأقطار.

وظلت جامعة الدول العربية تتسكع وتتلكع، وظلت تجتمع لتنفض، وتنفض لتجتمع، والأمة العربية تسمع جعجعة ولا ترى طحنا، وترى المؤتمرات والموائد ولا تجد وراءها عملا، بينما جامعة الفكر والقلم تؤدي دورها، وتقوم بواجبها، وتنشر الوعي العربي والإسلامي في أقطار العرب جميعها. . .

ولكن الدولة في مصر يجب أن يكون لها عمل. وما يكون عملها إذا لم تخنق الفكر، وتضع في يديه ورجليه الأغلال، وتفصم هذه العرى المقدسة التي كونتها الأجيال.

ما عملها إذا لم يكن هو تقييد تصدير الكتب من مصر إلى البلاد العربية - ومصر هي التي تقوم في الطور الحاضر بدور القيادة - والبلاد العربية هي السوق الأولى لما تنشره مصر من كتب ومن أفكار وتوجيهات؟

لقد فعلتها على عين جامعة الدول العربية وسمعها! فعلتها بمعرفة وزارة المالية التي أصدرت قرارا بمنع تصدير الكتب من مصر. فلما نبهناها إلى الخطر الكامن في هذا الإجراء (الروتيني) الذي اتخذته بجرة قلم، وهو أخطر ما يصيب الروابط العربية بقاصمة الظهر!. . لما أن نبهناها إلى هذا عادت فقالت: إلا بترخيص خاص يتفق عليه مع المسؤولين!

<<  <  ج:
ص:  >  >>