للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[القائد الشاب. . .]

للأستاذ أحمد فتحي مرسي

(لقد بلغني أن قوماً يقولون في إمارة (أسامة) ولعمري لئن

قالوا في إمارته لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله، وإن كان أبوه

لخليقاً بالأمارة وإنه لخليق لها.)

(حديث شريف)

جرى على شفاه القوم في المدينة في ضحوة ذلك اليوم من ربيع السنة الحادية عشرة للهجرة أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - أمر بالعدة لغزو الروم وأَمرَّ على الجيش (أسامة بن زيد بن حارثة)

ووقع هذا الخبر من الناس موقعين: وقع من نفس قوم موقع العجب والدهشة، ووقع من نفس أقوام موقع التجِلَّةِ والطاعة. وكان الناس في المدينة بين هؤلاء وأولئك. . . فأما الأولون فقد عجبوا كيف يؤمَّر على جيش يضم صفوة المهاجرين والأنصار شاب حدَثٌ كأسامة لم يَعْدُ العشرين ربيعاً بعد، وكيف ينفرون للغزو وهم لم يعودوا من حجة البلاغ أو الوداع إلا من زمن قريب، ولم يستقر بهم المقام بعدُ في المدينة، حتى وقع في روع بعضهم أنهم سيحيون حياة دَعَة وهدوء، بعد أن نصر الله دينهم، ودخل الناس فيه أفواجاً، ودانت شبه الجزيرة جميعها لدعوة الرسول الجديد. فما بهم حاجة لغزو آخر بعد هذا الجهاد الواصب الطويل، وبعد أن أكمل الله لهم دينهم، وأتمَّ عليهم نعمته، ورضي لهم الإسلام ديناً

ثم إن الروم عدو لا يهون أمره، ولا تلين قناته، فقد قهر الفرس ولم يستطع العرب أن يقهروه، وهو حامي المسيحية، وإن به لشوقاً للقاء هؤلاء القوم الذين أجلو المسيحية عن أوكارها من شبه الجزيرة. . . وهم مازالوا يذكرون غزوة (مؤتة) وكيف خرج لهم الروم من مائة ألف، وكيف ذهبت هذه الغزوة بثلاثة من صفوة قواد المسلمين؛ ولولا مهارة رابعهم خالد بن الوليد في الانسحاب للحق بهم ولفتك الروم بالجيش، وإنهم ليذكرون أيضاً كيف تقاس الناس بعد خبر (مؤتة) عن لقاء الروم في تبوك، حتى قال بعض ضعاف النفوس للناس: لا تنفروا في الحر إلى تلك الأصقاع. فنزل قوله تعالى (وقالوا لا تَنْفِروا في

<<  <  ج:
ص:  >  >>