للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من هنا ومن وهناك]

هل يظفر الأمير عبد الله بملك فلسطين؟

(عن مجلة الباريسية)

لا يستطيع الناظر المتأمل مهما أوتي من قوة الفراسة والمقدرة على

تحليل النفوس واستنباط ما وراء الوجوه من المعاني والأفكار، إذا نظر

إلى وجه الأمير عبد الله أمير شرق الأردن، أن يحكم لأول وهلة أن

صاحب هذا الوجه، على الرغم مما يبدو عليه من الهدوء والاتزان،

يحمل حملاً ثقيلاً منذ عشرين عاماً

فإذا جلست إليه ورأيته يمسح بكفه على لحيته الصغيرة المنسقة ويتكلم بصوته المهذب الرقيق، لا تصدق أن هذا الرجل بعيد عن الاستمتاع بالراحة

وإذا كانت الدودة الصغيرة تغادر أثراً ما على السنديانة العظيمة، فلا غرابة أن تترك المطامع البائدة، والأحلام الضائعة، أثرها العميق في نفس الأمير

لقد كان الأمير عبد الله يحلم في شبابه - وهو ابن شريف مكة في ذلك الوقت - بحياة ذات مجد حربي عظيم؛ ولكنه خسر أول معركة قادها بجنود أبيه. وإذا كنت ممن يعرفون قونين الصحراء غير المسطورة، أمكنك أن تعرف مقدار تأثير هذه الهزيمة

إن العرب قد يغتفرون للسارق؛ وقد يتسامحون مع الرجل الذي يقتل أباه، ولكنهم لا يغترون جريمة القائد المنهزم بحال من الأحوال

ومما يستحق الذكر أن الأمير عبد الله في ثورة الصحراء، والحملة التي يقودها لورنس، لم يكن سوى ظل بسيط في مجرى الحوادث على الرغم مما هو معروف عنه من الشجاعة والذكاء

وإذا كان قد حكم على الأمير بأن يحيا حياة مدنية وإخوانه يخوضون غمار الحروب، فقد وضع آماله في شيء واحد وهو عقيدته الثابتة بأنه إذا جد الجد وجاء يوم الانتصار سيدعى ولا محالة للجلوس على عرش من العروش التي تقسمها بريطانيا العظمى بعد زوال

<<  <  ج:
ص:  >  >>