كان ألدوس هكسلي في وقت ما لا أدريا ولا ماديا، أما الآن فهو يؤمن بمعتقدات مستمدة من الفلسفة الدينية الهندية وهو في قصصه ومقالاته وقصائده يكشف عن شخصية شديدة التعقيد دقيقة على الفهم، ذات ميول متضاربة لا يوازن بينها إلا ذهن جبار مشغوف بالتأمل والتفكر.
فمنذ سبعة عشر عاماً، قال في كتابه (دراسات صحيحة (١٩٢٧): لو ألزمت بتحديد موقفي لقلقت إنني أمرؤ مثقف يوجه اهتمامه الأكبر لدراسة العالم الخارج دون التأمل الباطني. . . وأنا أفهم التفسير المادي للحياة الباطنة.
ولكنه في سنة ١٩٤٤ يقرر أن أركان عقيدته هي:(أن هناك لاهوتا، أساسا، براهما، ضوء مبينا ينير الفراغ، هو القانون غير الظاهر الذي يكمن وراء كل المظاهر؛ وان الأساس حال في الأشياء ومتجاوز لها في وقت معا؛ وأن في مقدور الإنسان أن يحب الأساس الإلهي، ويعرفه، ويتحد معه وحدة فعل بعد وحدة قوة؛ وأن البلوغ إلى هذه المعرفة الاتحادية باللاهوت هو القصد والهدف الأخير للوجود الإنساني).
ولقد كان هكسلي دائما يدرك العناصر المتضاربة في شخصيته وفي مجموعة مقالاته:(أعمل ما شئت (١٩٢٩) وضع خلاصة لفلسفة (عبادة الحياة أو (الإفراط المعتدل بناها على الإيمان بمبدأ أساسي هو تعدد جوانب كل شخصية. قال: (إن عابد الحياة هو يقيني أحيانا، وصوفي أحيانا أخرى، لا أدري، ملئ بالسخرية، ومؤمن فياض بالإيمان. . . والخلاصة أنه يقبل كل نفس من نفوسه المتعددة، حين تظهر في عقله الظاهر، ويعتبرها إذ ذاك نفسه الحقة في تلك اللحظة. وهو يقبل كل نفس وجميع النفوس - حتى الخبيثة، حتى الوضيعة المعذبة، حتى العابدة للموت والمسيحية بطبعها، هو سيقبل كلا منها وسيعيش في كل منها عيشة مفرطة).
إن شخصية ألدوس هكسلي المعقدة، والقالب العلمي لذهنه، وأسلوبه النثري الجلي الساطع، يمكن اعتبارها ميزات ومواهب موروثة، فإن من سلفه الذين حملوا اسم هكسلي أفرادا