كنت كلما ظهر كتاب حديث عليه اسم (محمد)(ص) أسارع لاقتنائه؛ ذلك لأنني كنت ولا أزال في رغبة شديدة أن أسمع عن الرسول العربي العظيم، وعن سيرة النبي الكريم شيئاَ جديداً. والعامل الوحيد الذي أوجد فيّ هذا الشعور، وحرّك فيّ ذلك الاحساس، هو الاطراد الموجود في السير المكتوبة اطراداً يكاد أن يكون نسخةً مطابقة لأصل واحد، ومحررة على غرار واحد
إنني لم أرسل كلمتي هذه منتقداً بها ما دونه الأقدمون في السيرة، وصاحب السيرة، كلا، وإنما أردت أن أقول للذين تناولوا السيرة وصاحب السيرة، بأن الواجب كان يقضي عليكم أن تأتوا للناس بحديث جديد عن محمد (ص) بحديث يصور للناس محمداً كما هو لا كما أراده كتاب السير
طلعت علينا في الآونة الأخيرة عدة كتب كتبت مؤخراً لتحليل شخصية محمد (ص)، وما انطوت عليه نفسه من العظة والعبقرية، فمنهم من أصاب المرمى ومنهم من قارب؛ فذهب الأستاذ جاد المولى في كتابه (محمد المثل الكامل) إلى ناحية لم يتطرق إليها الأستاذ محمد رضا في كتابه (محمد)؛ وإن هذين الأثرين من حيث الترتيب والتنسيق جديدان، ولكنهما من حيث المادة لا يزيدان ولا ينقصان عن السير القديمة. على أن هناك أستاذا كبيرا يكاد أن يكون فرداً فذاً في تأليفه هو (مولانا شبلي النعماني) فإن هذا العالم الكبير أراد أن يستخرج من السير الموضوعة سيرة مستندة إلى أرجح الأقوال وأصح الروايات، ويبرز الرسول الأمين للناس صورة حقيقية كما هي، فألف كتابه الذي أسماه (تاريخ الإسلام) والذي أفرد منه أربعة مجلدات في السيرة المحمدية. هذا ولا أريد أن أرسل الكلام في وصف هذا الكتاب جزافاً، ولا أريد أن اخرج بالقارئ عن الموضوع والصدد، وإنما قصدي أن أحث كل من يريد أن يتعرف محمداً (ص) كما هو أن يطلع على هذا الكتاب الذي أوضح شخصية محمد (ص) إيضاحاً، وحلل نفسيته الزكية تحليلاً عجز عنه المتقدمون من كتاب السير والمتأخرون منهم
وقد جرى على غرار هذا المؤلف الأستاذ الكبير محمد حسين هيكل بك فإنه كان قد كتب