للأستاذ جيب. أستاذ الأدب العربي في مدرسة اللغات الشرقية بلندن
ولقد كتب الدكتور زكي مبارك معارضة من هذا القبيل يوافق فيها على أن القصة لا يمكن أن تنشأ في مصر إلا إذا حصلت المرأة على مركز اجتماعي لائق، ويصف كتاب القصة في الأدب العربي بأنهم ينتمون إلى الطبقة الوضيعة من طبقات الأدباء، وينعى عليهم قلة خبرتهم بفنون الكتابة وعدم استقلالهم في الرأي وسطوهم على الآداب الأوروبية، وأدهى من ذلك أنهم يغرون الشباب باحتقار فنون الكتابة الأخرى، على حين إن الأدب الحقيقي الذي يتجلى فيه الصدق والدقة الفنية قد يوجد في ضروب أخرى من ضروب الكتابة كالرسالة والقصيدة. وليس من الجائز أن نحكم على الأدب العربي بما نشاهده في الأدب الفرنسي والإنجليزي، بل يجب أن نحكم عليه حسب ميول أبنائه، وحسب درجة نجاحه في التعبير عن أفكارهم وأخيلتهم وأغراضهم. ويشير الكاتب إلى أن آداب الصحافة في مصر توضح الآن كثيراً من المشاكل العلمية والروحية ومشاكل العاطفة التي تواجه المصريين، وإلى أن مراقبة الحكومة ووقوف الرجعيين بالمرصاد يحولان دون الإفاضة في توضيح تلك المشاكل. ويقول الكاتب أن هناك نقطة أخرى جديرة بالانتباه وهي أنه يجب علينا ونحن وارثو الماضي أن نستحضر ذلك الماضي ونحن نفكر في الحاضر، وأن ننظر بعين الاعتبار إلى الأساليب والطرق القديمة في الكتابة حينما نتجه نحو التجديد، فأن ذلك أجدى علينا من هذا البهرج الكاذب الذي يزيف به الأدب الحديث.
ولكن الأدب العصريفي مصر قد أثبت الآن حيويته وسار فعلا في طريق الاستقلال، وليس من الممكن أن يجدالقارئ المتوسط بغيته الآن في الأدب القديم، فإنك إذا وجهت اهتمامه مثلا إلى العقد الفريد أو إلى غيره من آثار (العصر الذهبي) فكأنك بذلك تعطيه حجراً بدل الرغيف الذي يطلبه ويصر على الحصول عليه. وإذا وقف الكتاب دون إمداده بما يطلب فأنه يتجه إلى استيراده من الخارج مهماثبت له عدم ملائمة ذلك الذي يستورده لطبيعته وحالته الاجتماعية. وقل أن يجد القارئ في المقالة أو في الموضوع الذي يعرف بالرسالة في القصيدة العادية ما يغير خياله، إذ ينقصها عنصر الخيال واللذة الحية، اللهم إلا في