للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفلسفة الشرقية]

بحوث تحليلية

للدكتور محمد غلاب

أستاذ الفلسفة بكلية أصول الدين

- ٢٨ -

الفلسفة الصينية

العصر المنهجي - كونفيشيوس

مذهبه

صدر (كونفيشيوس) في فلسفة النظرية عن نفس النقطة التي صدرت عنها فلسفة عصر ما قبل التاريخ، وفلسفة (لاهو - تسيه)، والتي أشرنا إليها في حينها، وهي نقطة القول بوحدة الوجود التي تفرع عنها نشوء كائن سلبي أو يتأثر عن الكائن الإيجابي المؤثر، ومن اجتماع قولي هذين الكائنين نشأت المادة، وبتأثير النفس على هذه المادة وجدت الكائنات الحية التي بين السماء والأرض

غير أن (كونفيشيوس) تعمق في هذه النقطة وصيرها فلسفية جديرة بالدراسة والتمحيص، إذ أضاف إليها أن جميع جزئيات الطبيعة مشتملة على الانسجام التام الذي هو سر جمالها وتقدمها وصلاحيتها للوجود، وأن هذا الانسجام ليس موجوداً في هذه الكائنات بطريق المصادفة، بل هو تنفيذ لإرادة إلهية مرسومة خطتها في منهج السماء، وأن هذا الانسجام محكم الوضع في جزئيات الطبيعة إلى حد أنه يظهر (ديناميكيا) وأنه هو العلة في تطور الكائنات المادية والظواهر الطبيعية، ولكن كيف ولماذا كان هذا الانسجام علة لذلك التطور؟ لم يجب (كونفيشيوس) على هذا السؤال مطلقاً، لأنه عد البحث فيه فوق طاقة العقل البشري، فوافق في هذه الناحية (لاهو - تسيه) الذي أسلفنا أنه صرح هذا التصريح أيضاً وإن كان لم يكن قد وصل إلى كشف سر هذا الانسجام وأثره العظيم اللذين وفق (كونفيشيوس) إلى كشفهما

<<  <  ج:
ص:  >  >>