قد لا تمر فترة قصيرة حتى يسمع الصم بعيونهم، أو بطريق آخر سيقرءونبعيونهم ما تنطقه شفتاك، وليس من الضروري أن يروك، بل تستطيع أن تحدثهم بالتليفون فيقرءوا صوتك بذات الطريقة التي تقرأ بها هذه الكلمات
وقد يبدو لك هذا الحديث غريباً، فتعال معي إلى أحد المعاهد الأمريكية لنرى رجلا ولد أصم، ومع ذلك يتحدث بالتليفون إلى أحد معارفه عن طريق جهاز حديث يحول الحديث إلى مركبات. وكان الأصم يرقب لوحة صغيرة تترجم عليها الأصوات إلى صور أمواج ظاهرة تتباين باختلاف مقاطع الحروف والألفاظ فيعرف هو معناها ويجيب عنها بصوته كأي إنسان عادي
فالصوت - كما تعرف - يبدو في لغة الطبيعة أمواجاً، وهي نفس النظرية التي تنقل إليك الأصوات في المذياع وفي آلة التليفون، ولكنه بدل أن ينعكس ويرد إلى أصوات تسمع يسجل في الموجات المرئية كما هي في الطبيعة بالاستعانة بصمام يشابه الصمامات المستخدمة في المذياع المصور (التليفزيون)
وهذا الجهاز الجديد في حجم الآلة الكاتبة الجديدة، وعلى لوحته يرى الأصم أمواج صوت محدثه كما يرى أمواج صوته هو، فيصحح أخطاءها إن حدثت، فإنك تعرف أن الأصم غالباً ما يكون أخرس أيضاً، ولا سيما إن كان الصمم قد أصابه وهو صغير فلم يتعلم مخارج الحروف ولا طرق النطق. فتعليم اللغة وإتقانها عادة نحصل عليها بالتقليد، كما أن القراءة والكتابة عادة أيضاً نحصل عليها بالمران، وما هو معروف بطريقة الخطأ والصواب
فالطفل في مهده يسمع أباه وأمه وجيرانه يتحدثون ويحاول تقليدهم، فمرة يصيب ومرات يخطئ، ويستفيد من خطئه كما يستفيد من صوابه، لأنه ينحو إلى تصحيح أخطائه في النطق كما يطمئن إلى نطقه المضبوط، وبالتكرار يتعوده ويصبح جزء منه ومن ثم تختلف اللهجات كما تختلف اللغات