تناول الأستاذ الخفيف في العدد الماضي من (الرسالة) ديواني (الألحان الضائعة) فبدأ كلمته بأن أخذ على تلك الكآبة التي لزمتني في عهد من حياتي، وراح يتلمس سرها فلم يهتدإلى شيء مع أن هذا السر واضح كل الوضوح في كثير من قصائد الديوان بل من أول قصيدة إلى أخر مقطوعة فيه. ففي قصيدة (الضحية) تفسير قوي لناحية من تلك الكآبة، يؤكده قولي في القصيدة التي تليها بعنوان (الواحة المنسية):
في ذمة الفن ما ردّدتُه أمداً ... فضاع لحني سدَى في جوّ نكرانِ
طغى عليه ضجيج القوم فانطمست ... أصداؤه، وفؤادي طيّ ألحاني
وفي قولي في قصيدة (اللحن الضائع):
يا أغاني الربيع ما أنا إلاّ ... مقطعٌ من قصيدة ضاع لحنُهْ
لم تلد لي الأيامُ من يتولى ... بعث لحني، وكيف يبزغ شأنه؟
وفي قصيدة اللغز تظهر نواح كثيرة من سر هذه الكآبة، وتظهر فيها قوة الشباب الغلاب لا اليأس المستسلم.
وأظن أن تصوير الشاعر لآلامه ليس من العيوب التي تؤخذ عليه وإلا فليس من الواجب أن تطالبه بالصدق في التعبير، وألا نؤاخذه على تزوير شعوره.
ولو أطلع الناقد الفاضل على (الصورة السريعة) التي كتبتها عن حياتي في الديوان لعرف شيئاً عن سر الكآبة التي لازمت شعري في الأربع السنوات الماضية، وزادها سواداً ذلك الجحود الذي لقيته في الأدب وعبرت عنه في معظم قصائدي.
ثم يرى الناقد الفاضل أن (الأديب الصيرفي قليل العناية بقوافيه وبلغته على وجه العموم). . هذا حكم يصدره ناقد فاضل لأنه عثر على بعض هنات يعثر عليها في كثير من أشعار المتقدمين والمعاصرين، ولأنه وجد محاولات عروضية مخالفة للسنة القديمة، وهي لم تضر الأدب في شيء، إن كان قد أصابه ضرر من محاولات شعراء الأندلس. . هذه الهنات التي