نحن اليوم نستقبل الصبح من نهضة فنية مباركة، تسرع شمسها نحو الشرق لتملأ الدنيا نوراً ودفئا، ونحن اليوم أشد ما نكون رغبة في دراسة سير الأبطال ممن جاد بهم التاريخ - والإسكندر رسيفااتتشخصية دائمة الدوي في أسماع الزمن، فلا يكاد التاريخ يحدثنا عن ملك اجتمعت له كل أسباب الشهرة كما اجتمعت للإسكندر، فلقد شغل الكتاب والمؤرخين، والباحثين، والعلماء في كل زمان ومكان، ومن هؤلاء من رافقه من المهد إلى اللحد، ومنهم من كان في ركابه لما خرج من مقدونيا غازيا فلم تعظم عليه أشد البلاد بأسا وعنادا، ومهم من اضطلع معه بشئون السياسة والإدارة فخبر أساليبه وما قدر لها من نجاح أو فشل، ومنهم من عنى بتدوين يومياته ومذكراته الخاصة وأقواله، فكان منهم المقسط وكان منهم المتحامل المتعصب الذي يرى فيه شابا حالفته الشهرة ولم يسمع لها سعيها وهو مؤمن على أنه يكد ينتصف القرن الأول الميلادي حتى نشر الاسكندر أربعة بحوث هامة كتبها ديودور الصقلي ويومي وأرفوس ولكن أرفاها كتبه بلوتارخ.
والمؤلف الذي بين أيدينا كتبه أستاذ كان مفتشا عاما للآثار بمصر وهو ممن تخصصوا في دراسة تاريخ حياة شخصيات التاريخ اللامعة، فنحن نعرف من مؤلفاته حياة أخناتون، الخاصة) وهو أمام الموحدين في العالم القديم، (وحياة كليوباترا الخاصة) فاتنة الأجيال، ونيرون ومارك أنطونيو. . . وهو يتناول سيرة الاسكندر يعنى بنسبه وموطنه، ويصاحبه طفلا غريراً، وفتى يافعا، وشابا طموحا، ومحاربا بطلا، وسياسيا فذا، وعاشقا متزنا، لا يصرفه الغرام عن الواجب وقائدا منصورا لا يدفع به الظفر إلى الإسراف في البطش.
ويشير المؤلف إلى النقطة التي بدأ عندها بحثه فيقول: بدأت بحثي من النقطة التي ظل يعتريها الغموض أجيالا طوالا فلم أرها واضحة كل الوضوح فيما قرأت من مؤلفات، تلكهي المشكلة ولادته. فلقد ظل يعتقد بأنه ابن للإله الإغريقي المصري (زيوس آمون). ولعل هذا الاعتقاد قد أضفى على شخصه لونا من القدسية ظلت عالقة في أذهان الناس قرونا بعد وفاته، ففي بعض بلدان العالم كان ينظر إليه كاله حق مبين. . . وفي بلاد