للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قلت لنفسي. . .]

حتى العلماء وراث النبوة وأولياء الحكمة يجوز عليهم ما يجوز على أتباع الهوى وعبادة الشهوة من بني الأرض!

- وما ذاك؟

- يقولون إن في الأزهر عريضة، فضيحتها طويلة عريضة. وإذا صح ما تلهج به حولها الألسنة فقد استشرى الضلال حتى حارت الهداية، واستحكم النفاق حتى فجرت الغواية. وإذا ضل الدليل فكيف تسلك السبيل؟

يتحدثون أن نفراً من العلماء جعلوا قيادهم في يد الهوى فدلاهم بغرور ومناهم بباطل وزين لهم أن يشغبوا على الإمام المراغي مظهر الإسلام المشرق، وممثل الرأي الصحيح وأول من وحد بين الملك والدين ووفق بين الأزهر والدنيا؛ فمضوا يظهرون عريضة فيها الرجاء والثقة، ويسترون عريضة فيها التمرد والإفك، وطافوا بهما على علماء المعاهد يقرءون عليهم ما فوق، ويضعون أختامهم على ما تحت، حتى اجتمع لهم من هذه الإمضاءات المغشوشة سبعون ونيف، فدخلوا بها على الأستاذ الأكبر دخول النذير المدل بما وراءه، فتلقى الإمام هذا النزق بحلم العظيم ورفق الكريم؛ ثم تدارك الله الحق فبرح الخفاء وشاعت الفضيحة. وقال الأعمى أنا لا أقرأ، وقال الغافل أنا لا أفهم، وقال الخادع أنا لا استحي!

بهذا يتحدث الناس وربما كان في الحديث افتراء؛ فإن رجال الدين أكرم على الله أن يجعل فيهم هؤلاء، وهل يخشى الله من عباده إلا العلماء؟!

ابن عبد الملك

<<  <  ج:
ص:  >  >>