[يوم التل]
للأديب فخري أبو السعود
. . . وبعد فاني مرسل إليكم قصيدة نظمتها لمناسبة ذكرى الاحتلال الإنجليزي الذي يصدر عدد الرسالة القادم في مثل يوم ابتدائه بالقاهرة ١٥ سبتمبر وقد اعتاد الكثير من المصريين الاستحياء لذكرى يوم التل الكبير لأن الهزيمة أصابتنا فيه، والأسف لذكرى الثورة العرابية لأن الاحتلال الإنجليزي أعقبها، حتى قال شوقي بك في بعض ما قال:
ولو أن يوم التل يوم صالح ... لحماسة لجعلته إليادي
وقد نظمت قصيدتي قصد القضاء على توهم العار في هذه الذكريات، وإبراز مواضع في تلك الحوادث والوقائع.
وأقل ما في تلك الذكريات من مواضع الفخار أن الثورة كانت أول مظهر صحيح للقومية المصرية التي تنبهت في العصر الحديث، وأن موقعة التل كانت أول معركة قام بها جيش مصري صميم بالدفاع عن أرض مصر، وان المصريين فيها كانوا ينازلون أكبر قوة استعمارية عرفها التاريخ، وأن الإنجليز لم يطمئنوا إلى منازلة المصريين ولم يحرزوا عليهم النصر الا بعد أن استعانوا بكل حيلة.
أعد ذكر ماضي النيل للجيل منشدا ... فما أعذب المجد الأثيل مرددا
وكم مفخر للنيل باق مخلد ... إذا ذكر الأقوام فخرا مخلدا
نتيه بماضينا القديم تفاخراً ... وأحر بأن يروى الحديث فيحمدا
ولم أر يوم التل عابا وسبة ... ولم أره الا أغر ممجدا
أنخجل ان قمنا نذود عن الحمى ... ويسحب أذيال الفخار من إعتدى؟
تدفق من عبر المحيط مهدد ... فما حفلت آباؤنا من تهددا
أبو أن يدينوا للغالب عن يد ... وتلقى مصر في الحوادث مقودا
وقالوا شباة السيف دون عدونا ... وإن يك عرض البر والبحر أيدا
إباء تليد المجد قر له رضى ... وقر له عظم الفراعين ملحدا
وما شهدوا من قبلها عهدهم ... بني مصر جميعا ينهدون إلى العدى
فلما رآى سنوح فريسة ... أقام زماناً دونها مترصدا