للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على هامش الموضوع السابق أيضاً

عطف جميل. . .

وجَّه الكاتب الفرنسي النابه فكتور مرجريت نداء صارخاً إلى (الضمير البشري والعالَم الحر)، أهاب فيه بذوي الوجدان من بني الإنسان أن يتعاونوا على دفع الظلم وكف الأذى عنمصر التي كابدت أضرار الرق، وعالجت آصار الذل، ثلاثاً وخمسين سنة لم يفتُر لصَرْخاها استغاثة، ولم يكن لصرعاها أنين؛ ثم ناشد أعلام الذكاء الفرنسي أن يظاهروه على هذا النداء، فأمضاه منهم خمسمائة وثمانية آلاف من العلماء والأدباء والفنانين من بينهم جول رومان، واندريه جيد، ورومان رولان، وهادامار.

عَرَض الكاتب الشكور في ندائه المحَن التي انفجرت على ضرب مصر منذ توقح على ضرب الإسكندرية ذلك الأسطول الذي يتقلب اليوم بين شواطئها ومرافئها تقلب العزيز المقتدر والمختال المملك؛ ثم عَرَّض بتلك الوعود الفواجر التي جرت على لسان غلادستون وغرفيل وسالسبورى وأضرابهم من الَمذَّاعين الذين بنوا هذا الملك الضخم على مراوغة اللسان ومماطلة الزمان ومغافلة الناس؛ ثم ذكر اضطراب مصر في الأصفاد، واستشهاد شبابها في الجهاد، وذياد الحلفاء وفْدَها المختار عن مكانه في مؤتمر السلام؛ وعجب أن يتسع إنجيل وِلْسُنَ لحرية الحجاز وأرمينية وألبانيا، ثم يضيق عن تحرير مصر وهي ما هي في وحدة الأرض وقوة الدولة وتجانس الأمة، فيذرها معلقة على رغمها بين حق حليم الطبع وباطل سفيه السلاح، ثم أعاد إلى الذاكرة قول الكاتب الخالد اناطول فرانس: (أن ساستنا أنقذوا من يد العدم انشروا من طوايا القبور عشرين أمة، فانتهت إلى الحرية بولونيا وعادة إلى الحياة أرمينية؛ ولكن العدل الإنساني يأبى أن يبرأ من تناقضه ونقصه، فكان من نقص هذا العدل، ومن حمق المدعين للحزم والعقل، أن صارت مصر وحدها هي الضحية الكبرى لأكذوبة السلام).

غضبة سامية، وصرخة داوية، ودعوة كريمة وصدورها عن حفدة الذين أعلنوا بأقلامهم حقوق الإنسان، وأطلقوا بأسيافهم حرية العالم، أمر جار على مألوف الطبع والعادة؛ ولكن الأستاذ فكتور ينادي غير سميع، ويخاطب غير واع! لقد هوى ذلك الضمير الإنساني صريعأ أمام الجشع، وجثت حرية العالم ضارعة إلى الحرص، واستحال الإنسان الجديد

<<  <  ج:
ص:  >  >>