للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التعليم في مصر]

للأستاذ عبد الحميد فهمي مطر

لا بد للباحث في حالة الإصلاح في بلدنا هذا من أن يقف بين يديه آن وآن برهة من الزمن ليراجع فيها الماضي وليدقق النظر في الحاضر تعرفا لما كان، وتلمسا لما يكون، لعله يتمكن بذكريات الماضي وعبر الحاضر من رسم خطة سليمة للمستقبل. والتعليم في مصر وهو من أهم أسباب نهضتها وأعظم عوامل الإصلاح فيها من الأمور التي يجب على المسئولين أن يراجعوا أنفسهم فيه بين فترة وأخرى حتى يتبينوا عيوبه في الماضي ليتخلصوا منها في الحاضر وفي المستقبل في سبيل تنشئة جيل جديد يستطيع النهوض بالبلاد النهوض المأمول.

إن السياسة العامة التي عليها الحكومات المتعاقبة من زمن بعيد تعنى عنايتها الكبرى بنشر التعليم والإكثار من المدارس والمعاهد أكثر من عنايتها بأي شيء آخر، حتى لقد تضاعف في السنوات العشر الأخيرة عدد المدارس، كما أصبحت لنا فعلا ثلاث جامعات تضم الآلاف من الطلاب. وهناك جامعة رابعة ينتظر أن تنهض بالعمل في العام القادم بعد أن كانت لدينا جامعة واحدة. ولا شك أن نشر العلم بين الناس عمل جليل مشكور بشرط أن يكون ذلك على أساس سليم مثمر، في نظام يؤدي إلى التكوين الصحيح الذي يعرف به كل متعلم واجبه نحو نفسه ونحو معهده ونحو مواطنيه ونحو بلاده. فهل عرف متعلمونا اليوم واجبهم الحق وأدوه بعض الأداء؟ الرد على ذلك فيما أذاعه وزير المعارف السابق في بيانه عن حالة المدارس الراهنة مما ملأ قلبه وقلب المصريين حسرة على ما أصاب معاهد التعليم من انتكاس وتدهور وفوضى يؤسف لها كل الأسف. وعندي أن الأمر في ذلك راجع إلى شيء واحد طالما نبهنا إليه في مقالاتنا في مجلة الرسالة الغراء التي لا تدخر وسعا في العمل للنهوض بأبناء هذه الأمة. . وفي تقاريرنا التي شرفنا برفعها إلى وزير المعارف منذ أكثر من ربع قرن من الزمان من سنة ١٩٢٣ إلى اليوم. . بل وفي مؤلفنا (التعليم والمتطلعون في مصر) الذي سبق أن أصدرناه منذ ثلاثة عشر عاما والذي ذكرنا فيه في صراحة وجلاء في صفحات متعددة منه أن المدرسة المصرية أهملت وأجبها في تربية تلاميذها وتكوينهم تكوينا خلقيا صحيحا. . وأن واجبها يقتضيها أن توجه عنايتها الخاصة

<<  <  ج:
ص:  >  >>