للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكُتُب

مواطنون. . . لا رعايا

تأليف الشيخ خالد محمد خالد

للأستاذ علي العماري

هذا كتاب يجيء في أوانه، وبقدر ما أخفق المؤلف في كتابه (من هنا نبدأ) بقدر ما أصاب من نجاح في كتابه هذا، ومقياس الإخفاق والنجاح عندي هو سلامة الفكرة، وأصالة الرأي، والقرب من الصواب، والبعد من المغالطة والتعثر والاضطراب.

ولعل كتاب (مواطنون لا رعايا) من أجدر الكتب بأن يطلع عليه كل من يستطيع أن يقرأ في مصر، بل في الشرق، فهو جدير عليه كل من يستطيع أن يقرأ في مصر، بل في الشرق، فهو جدير بأن يطالعه الزعماء وقادة الرأي في البلد إن كان عند هؤلاء رغبة في مطالعة كتاب شعبي ألفه رجل ليس من كبار المؤلفين، ولكن قوله من أحسن وأجمل وأصدق ما يجب أن يقال، وهو جدير بأن يطالعه شباب مصر المثقفون لأنه يعبر عما يجول في النفوس من الآم وآمال، وهو جدير بأن يطالعه رجل الشارع لأنه يبصره بمواضع قدميه، ويقول الكلمة التي لا يستطيع أن يقولها وإن كانت تحوم على لسانه، وتستقر في نفسه.

بدأ المؤلف كتابه في الحديث عن الاستعمار التركي، وما أصاب مصر من بلايا ورزايا، وما خلف فيها من آثار سيئة في حياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ثم قال - وهنا بيت القصيد -: (ونحن ننبش قبر الاستعمار التركي لنكتشف الأوتاد المطمورة تحت ترابه، والتي لا تزال تصلنا بها سلاسل وأغلال. وما لم ننظف روحنا المسيطر من رواسب الماضي فسنظل دائماً نعيش في ذلك الماضي برجعيته وفساده واستبداده، وسيظل الشعب جاثياً تحت الأثقال التي انقضت ظهره، وهدمت قواه إننا - الدولة والشعب - لا نزال نعيش في ذلك الماضي السحيق، فالعجز السياسي، والرجعية الاقتصادية، والانهيار الخلقي، والشعب المستسلم، والحكم الأتقراطي، والفساد الإداري، والحريات المصادرة، واستغلال الدين. كل هذه الخطايا تقترف اليوم بنفس الهمة العالية التي كانت تجترح بها في تلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>