للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ترجمة النشاشيبي بقلمه]

لما أصدر صديقنا الأستاذ الشيخ عبد القادر المغربي جريدته (البرهان)

في طرابلس الشام سنة ١٩١١ واطلع عليها المرحوم إسعاف

النشاشيبي، وكان يومئذ في طور اليفاعة، راسلها بالأخبار وواصلها

بالمقالات، ولم يكن الأستاذ صاحب البرهان يعرف من أمره شيئاً،

فكتب إليه يشكره ويسأله التعريف بأمره، فأجابه عن سؤاله بكتاب

مسهب مؤرخ في جمادى الأولى سنة ١٣٣٠ وصف فيه أمره ما كان

يحسن طي ذكره في ذلك الحين؛ أما اليوم وقد أصبحوا جميعاً في ذمة

التاريخ فلا ضير إذا نشرناه تفصيلا لما احملنا من أمره رحمه الله.

سيدي وأستاذي

اقبل يدك الطاهرة، وأتضرع إلى الله أن يشد أزرك، ويكون ردءك، ويبلغك ما تسمو إليه نفسك ويطيل بقاءك، فإن ببقائك بقاء الفضل والعلم والآداب. وبعد فقد جاءني كتاب الأستاذ أعزه الله وقرأته فأنست من كرم أخلاق صاحبه، وحدبه علي، وشغل باله من أجلي، ما شدهني وحيرني، وما استعبدني للأستاذ واسترقني. فلله أنت يا مولاي، ولله أدبك؛ يأمرني الأستاذ أن أفرش له دخيلتي، وأوضح له أسباب شقاوتي. فإنه رآني بكتبي إليه وبمقالاتي جميعها شقياً بائساً، حرج الصدر، ضيق النفس، مضطرباً. وهاأنا أسرد على سيدي قصتي، وعلة غصتي، مجملاً ذلك إجمالاً، إذ أمر التفصيل يطول.

فاسمع حديثي فإنه عجب ... يضحك من شرحه وينتحب

إن سبب شقائي أدبي وأبي وأمي والمال. ذهبت منذ ١١ سنة إلى بيروت، ودخلت مدرسة فيها، وأقمت أربعة أعوام. ثم جئت والدي وقلت له إني لم أظفر في هذه المدرسة بما تمنيته. فابعث بي إلى فرنسا أو سويسرا كي أتم ما ابتدأت به، وكي أتحلى بالعلم والفضل. فأكون فخراً لك. فاستحقر هذا الوالد مطلبي وأنكره. وأبى أن يوصلني إلى أمنيتي، وأراد أن أرى الدنيا بعينه وأنا لا أريد غلا أن أراها بعيني. وبغى أن أذر العلم وأدير أعماله وقراه. وبغيت أن أكمل تحصيلي، حتى إذا كمل اهتممت بأشغاله. وقلت له أن غلاماً

<<  <  ج:
ص:  >  >>