(نص الكلمة التي ألقاها الأستاذ زكي طليمات مفتش شئون
التمثيل بوزارة المعارف في حفلة التأبين التي أقيمت بدار
الأوبرا الملكية يوم ٤ فبراير سنة ٩٤٠ برياسة معالي وزير
المعارف أحياء لذكرى مرور أربعين يوماً على وفاة الممثل
الكبير الأستاذ عبد الرحمن رشدي المحامي.)
في هذا المكان وعلى هذا المَمْثل، منذ نيف وسبعة وعشرين عاماً خلت وقف شاب غض الإهاب، فياض القوة، في عينيه بريق، وفي صوته فورة العزيمة وعناد التصميم، تلطف نبراتها حلاوة الحلم الممتع. وقف هذا الشاب في ثياب الممثل يؤثر ويبهر، فحط تاريخ التمثيل العربي الناشئ صفحة المجد الأولى، وأشرق على المسرح المصري فجر وردي جديد
وقف هذا الشاب يمثل، وارتفع الصوت الجهير في رنين أجراس الذهب، فجاوبته صيحات مدوّية منكرة، هي أشبه شئ بصوت انهيار الأنقاض وتصدع الجدران. ذلك لأن العرف المصري الجاري في ذلك الوقت أصيب في أعشاره، وتصدعت منه دعامة قوية شامخة
هذا الشاب هو (عبد الرحمن رشدي) الذي ترك حلبة المحكمة إلى خشبه المسرح، ونضا عنه حُلّة المحامي ليلبس حُلّة الممثل، وهجر عالم القضاء ودنيا الوظائف الحكومية إلى عالم التمثيل ومستراد المرئيات ومجال والوهم المجسم، وزهد فيما كان ينتظره من شارات الشرف في عالم القضاء من أجل تيجان من الورق، وأسمه من الصفيح، وسيوف من المعدن الزائف. . .
أتى كل هذا طائعاً مختاراً وهو في تمام عقله وكامل صحوه، وافتدى صحو العيش بكدره. . . وحياة المسرح في مصر أكدار ومآسٍ. أتى ذلك لأن هاتفا خفياً أهاب به في الساعة التي