هي الدرة اليتيمة في التاج البريطاني! من أجلها حقدت الدولة على بريطانيا، وبسببها تحملت إنجلترا الكثير من الشدائد ونزلت بساحتها الكوارث. إليها رنت أبصار الفرنسيين، وهفت قلوب الألمان، وداعب طيفها اليابان. وهاهي ذي اليوم تستعد للهجوم، وتتحفز للوثوب على الهند.
لقد داعب نابليون طيف الهند! اشتد العداء بين فرنسا وإنجلترا، ورأى نابليون أن خير طريق لقهر إنجلترا هو غزوها في بلادها (وإرغامها على إملاء شروط الصلح في لندن)!
حينذاك يسجد للعالم أمام نابليون، وتحت أقدام فرنسا والفرنسيين! ولكن دراسة هذا المشروع ردت نابليون إلى صوابه فعلم أن غزو إنجلترا ضرب من الأوهام والأحلام. إذن أين يوجه الطعنة القاتلة إلى بريطانيا؟ هداه تفكيره إلى أن خير طريق للوصول إلى هذه الغاية إنما يكون بالاستيلاء على مستعمراتها وبخاصة الهند، وكيف يكون ذلك؟ إن ذلك يمكن أن يتحقق إذا تمكن من غزو مصر، فمن مصر يمكن السير براً إلى الهند. ألم يفعل ذلك الاسكندر المقدوني أكبر قواد العصور القديمة؟ لم لا يفعل نابليون بونابرت أكبر قواد العصور الحديثة؟ وعبارة نابليون (لضرب إنجلترا يجب أن نكون سادة مصر) مشهورة معروفة، وفي نفس المعنى قال تاليران:(عن طريق مصر نصل إلى الهند). وتنفيذاً لهذه الخطة قدم نابليون بحملته المشهورة إلى مصر في أول يوليو سنة ١٧٩٨، وبقى بها سنة وبضعة أشهر، ورأى بعيني رأسه آماله تنهار ومشروعه يفشل، وتحت جنح الليل البهيم غادر مصر في ٢٢ أغسطس سنة ١٧٩٩ وبعد قليل لحق به جيشه؛ وهكذا فشلت الحملة ولم يستطع نابليون الوصول إلى الهند.
ومن اجل الهند وحرصاً عليها خرجت بريطانيا على صداقتها التقليدية للروسيا وناصبتها العداء طوال القرن التاسع عشر لأنها رأت في مطامع روسيا وفي توسعها في آسيا خطراً على الهند، ولكن الخطر الألماني وحد بين صفوف البريطانيين والفرنسيين والروسيين. ومن أجل الهند والمستعمرات البريطانية الأخرى ناصبت ألمانيا إنجلترا العداء. وقد فزعت إنجلترا من تقدم الألمان نحو القوقاز في الصيف الماضي وسارعت إلى احتلال إيران،