للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أقصوصة]

الخداع

مترجمة عن الفرنسية

بقلم الأستاذ فليكس فارس

بين الوهاد والجبال أمام روعة الطبيعة لم تدنسها يد الإنسان كانت العساكر الفرنسية والإنكليزية تتحين الفرصة للهجوم، وكل منها يتوقع الفوز بوفرة عدده وضخامة عدده. وكان قائد الجملة الفرنسوية شيخاً بلته الأيام فما زادته إلا صلابة وعزماً. وقد ملئ تذكاره بالوقائع الكبرى وعقد له النصر ألوية وسجل له التاريخ صفحات المجد خالدة.

حمي وطيس الحرب فتوالت الهجمات وتفجرت الدماء على تلك الأرض الجرداء مثمرة الترمل والثكل واليتم. وما لبث أن أحاط الإنكليز بأعدائهم إحاطة السوار بالمعصم فكادت تدور على هؤلاء الدائرة لو لم يتدارك القائد الشيخ خطورة الموقف بعزمه وإقدامه

وكان هذا القائد ممتطياً صهوة جواده يفكر في إيجاد وسيلة تمكنه من اختراق صفوف الأعداء. فشاهد أحد أتباعه يتقدم إليه بخطوات ثابتة. وعندما وصل القادم إلى مقربة منه عرف أنه هنري الذي تبناه بعد أن سقط والده قتيلاً في موقعة كان هو قائدها أيام الصبا. وحاط القائد هذا الطفل بكل رعايته حتى بلغ أشده فاتخذه معيناً له، وكان يستصحبه في جميع معاركه وكان هذا الفتى الجميل قد عاد مرات من الحروب مثخناً بالجراح فضمدتها يد قرينة القائد الشيخ وهي فتاة في ريعان الصبا كانت تزوجته بالرغم من تقدمه في السن وبالرغم من أقوال الناس وتكهناتهم

وحدق القائد بفتاه معجباً بجمال طلعته وبسالته وقال له: - لا خلاص لنا من هذا المأزق إذا نحن لم نخترق دائرة الأعداء المحيطة بنا، فعليك أن تقوم بهذا العمل، اختر من تشاء من الشجعان وسر في مقدمتهم. فالواجب يدعوك إلى التضحية من أجل الوطن والمليك

وانتضى الفتى سيفه ونادى: ليحيى الملك

فرددت نداءه فرقة من الجند لمعت سيوفهم في الفضاء وتقدموا منضمين إلى قائدهم الجديد منتظرين إشارة الهجوم

<<  <  ج:
ص:  >  >>