للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تاريخ جحا. . .]

للأستاذ كامل كيلاني

١ - خرافه وجحوان:

منذ خمسة عشر قرنا، تنقص بضعة عقود - اعني تنقص عشرات قليلة من السنين - ولد (خرافه) ذلك القاص العربي المخضرم البارع، الذي عاش في العصرين: الجاهلي والإسلامي. وقد عاصر (خرافة) - فيمن عاصر - جحوان الصحابي: جد (أبي الغصن عبد الله دجين بن ثابت) الملقب بجحا: شيخ الفكاهة الشرقية الباسمة الساحرة، ورمز الدعابة الفلسفية المرحة الساخرة.

وقد كان (خرافة) - فيما يقول عارفوه - طرافا وصافا، بارع المقال، رائع الخيال، يروي للناس عجائب من أخبار العفاريت والجن وطرائفهم وملحهم، ويقص عليهم من ذلكم غرائب معجبة يزعم لمعاصريه أنها حدثت له.

٢ - حديث خرافة:

كان (خرافة) فيما يقول المفضل الضبي في أمثاله - معاصرا للنبي، وقد حدثه ببعض أحاديثه فاعجب بها، كان يحدث الناس أحاديث طريفة شائقة، منها الحديث التالي:

خرج (خرافة) - ذات ليلة - فلقي ثلاثة من الجن فسبوه (أي: أسروه) فقال أحدهم: (نعفو عنه) وقال الثاني: (قتله) وقال الثالث: نستعبده (أي: نجعله عبدا لنا).)

فبينما هم يتشاورون - في أمره - إذ ورد عليهم رجل، فقال (السلام عليكم) فقالوا (وعليك السلام) قال (وما انتم؟) قالوا: (نفر (أي: جماعة) من الجن أسرنا هذا الرجل فنحن نأتمر في أمره)

فقال (إن حدثتكم حديثا عجيبا أتشركوني فيه؟ (قالوا: (نعم) قال:

(إني كنت ذا نعمة، فزالت وركبني دين، فخرجت هاربا، فأصابني عطش شديد، فسرت إلى بئر، فنزلت لأشرب، فصاح بي صائح من البئر، فخرجت منها ولم أشرب.

فغلبني العطش فعدت، فصاح بي، ثم الثالثة فشربت ولم التفت إليه فقال: اللهم إن كان رجلا فحوله امرأة، وان كان امرأة فحولها رجلا.)

<<  <  ج:
ص:  >  >>