للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مثل من فهم الشعر القديم]

في بحث أدبي جامعي

للأستاذ أبو حيان

قرأت هذه الأبيات التي أوردها بعد قليل، في كتاب من هذه الكتب الجامعية التي يتعرف بها الناس، عادة، ألوان النشاط العلمي في الجامعة. وقد زعموا أن هذا الكتاب من خير ما يمثل الجامعة في سنواتها الأخيرة، إذ لم يجل على الناس إلا بعد أن أقرته الجامعة وأجازت صاحبه، ورأته جديراً بأن يحمل أرفع ألقابها، وهو كتاب (الهجاء والهجاءون، تأليف الدكتور م. محمد حسين، مدرس بكلية الآداب بجامعة فاروق الأول) كما يتألق به صدره.

أما هذه الأبيات فهي أبيات الخطيل بن أوس، أخى الحطيئة وقد قالها في حركة الردة وها هي ذي، كما أوردها صاحب ذلك الكتاب، نقلاً عن الطبري، وكما ضبطها هذا الضبط الذي رآه:

فدى لبني ذبيان رحلي وناقتي ... عشية يحدي بالرماح أبو بكر

ولكن يُدَهْدَى بالرماح فهبنه ... إلى قدر ما إن تقيم ولا تسرى

ولله أجناد تذاق مهانة ... لتحسب فيما عد من عجب الدهر

ثم يعلق على البيت الثاني، شارحاً له، بقوله:

(دهديت الحجر فتدهدى دحرجته. هبنه كذلك هي بالنص (يريد: بالمصدر المنقول عنه)، لعلها من أهاب بالإبل والخيل إذا زجرها قائلاً هاب هاب، فيكون المقصود أن هؤلاء الرجال يزجرون أبا بكر وجيوشه، ويدفعونهم إلى قدرهم وحينهم)

أما البيت الأول فلا إشكال فيه عنده، فلا حاجة به إلى التعليق عليه بشرح أو تفسير أو تحرير. وإن كنت أنا لم أفهم - ومعذرة لامرئ بعيد عن منهج المدرسة الحديثة - كيف يحدى أبو بكر بالرماح، فالحادي يحدو الإبل بغنائه، فتنساق خلفه وتطرد وراء حدائه، فكيف يمكن أن تكون الصورة حين يضع الرماح في موضع الحداء؟

يستطيع كل امرئ - ولو لم يكن من الأساتذة الكبار - أن يتكلف ويتمحل في الفهم والتخريج، ويلتمس المذاهب المختلفة في ذلك، وإن لم يمكن أن تستقيم مع ذوق أدبي سليم، أو منهج علمي سديد، ولكن هذه التمحلات لا غناء فيها، ولا جدوى لها، في أداء الصورة

<<  <  ج:
ص:  >  >>