للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البَريدُ الأدَبي

عودة إلى المسرح

قلت في مقالي السابق في المسرح (٣٣٥) إن الفرقة القومية إذا أصرت على أن تتجافى عن الفن السليم الرقيق - ولا أقول الخالص بعد - فلتهجر إلى شارع عماد الدين تنافس فيه ما تشاء.

فهنالك معترك المسرحيات الرثة. و (لويس الحادي عشر) من البضاعة المبتذلة. وإن خطر لك أن تستوحش من ناحيتي فتتوجس مني التشدد، فخذ حكم ناقد بصير من نقاد المسرح في فرنسة وأسمه لوسيان دوبيك و (لويس الحادي عشر) من تأليف ك. ديلافني وهو فرنسي؛ وفي فرنسة برزت تلك المسرحية، وأديت غير مرة.

يقول دوبيك في مؤلفه الضخم: (التاريخ العام المزوّق للمسرح) (باريس ١٩٣٢ ج ٥ ص ٤٥ ي ي): (أن مسرحية الحادي عشر ليست بأحسن من أرذل المآسي الابتداعية (الرومنتيكية)). ثم يبين دوبيك مقدار فساد المسرحية من جهة حقيقة التاريخ وحبك الموضوع ونسج المشاهد

تلك هي قيمة المسرحية، وهي من نوع المأساة المفرطة الملفَّقة تلفيقاً وأما تأديتها على مسرح الأوبرة فلولا براعة الأستاذ جورج أبيض واقتصاده في الأداء، في الفصل الأول والثاني، لانقلبت المسرحية كلها (مهزلة) وضربت إلى لون التهريج وقد لمس النظارة ذلك اللون في الفصل الثالث إذ غالى أبيض في الرجفان واللهاث والحشرجة والتضوّر.

وأثار هذا المشهد من حولي الضحك الفاتر، فحمدت الله على أن زمن طلب الانتفاض الرخيص قد وّلى. وكأني بالأستاذ أبيض - مع إكباري لمسعاه - عزّ عليه أن يترك في ذلك الفصل طريقته الأولى، وقد فاته أن الذوق يسيل ويتحول

وفي الإخراج نفسه مآخذ. من ذلك موقف الأستاذ حسين رياض في حجرة الملك، فأنك تراه ينوي اغتيال الملك فيصيح صياح الذبيحة - كأنه يغالب أبيض في المغالاة - وخلف باب الحجرة حراس كماة ساهرون. إن ذلك الموقف يتطلب الهمس المضطرب والقرّ في الأذن؛ وذلك آخذ للأعصاب من الصياح والولولة. ومن المآخذ أيضاً أن كراسي المخدع كانت منجدة تنجيداً، والمتعارَف أن فن الأثاث في عهد لويس الحادي عشر - أي قبل تأثير الفن

<<  <  ج:
ص:  >  >>