للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من هنا ومن هناك]

أثر أدبي قديم:

نشرت مجلة (الطرائف الأدبية) الفرنسية القصة التالية.

في يوم من أيام (نيسان) عام ١٩٢٨ عثر فلاح بمنطقة رأس شمرة الواقعة على الساحل السوري تجاه قبرص على عدة قطع وأوان خزفية جميلة، فأرسل حاكم اللاذقية إلى المفوضية الفرنسية يخبرها بهذا الكشف.

ودلت تحريات لجنة الآثار التي تولت بحث الموضوع على أن القطع والأواني التي عثر عليها الفلاح وجدت في مدفن ليس له شبيه في سورية، وهو يشبه مدافن القرن الثاني عشر قبل الميلاد التي اكتشفت على ساحل قبرص. فقررت أكاديمية الآثار القيام بالتنقيب في هذه المنطقة، وانتدبت لذلك بعثة بدأت العمل في آذار عام ١٩٢٩، واستمرت تباشر البحث والتنقيب حوالي عشر سنين.

وأسفرت دراسات البعثة وتنقيباتها عن حقيقة تاريخية كانت مجهولة، وهي أن مدينة عظيمة قامت في منطقة رأس شمرة منذ القرن العشرين قبل الميلاد، وقد استمرت هذه المدينة حتى القرن الحادي عشر حيث قضى عليها أقوام من الغزاة الخارجين

ومن أهم ما عثرت عليه البعثة المنقبة بقايا مكتبة مؤلفة من ألواح من الفخار على نحو مكاتب بابل وقد نقشت على هذه الألواح رموز وكتابات تبلغ الثلاثين عدداً، ولم يعثر على ترجمة لهذه اللغات وقد تعذر فهمها وفك رموزها لأنها تنتمي إلى لغة غير معروفة بين اللغات الأثرية، ولكن بعد مقارنات ودراسات تبين أنها لغة قريبة من العبرية، وأنها أقدم بنحو عشرة قرون من سائر الكتابات الفينيقية التي اكتشف إلى الآن.

وقد استطاع رجال الآثار أن يميزوا من تلك اللوحات الكتابية ثلاثة آلاف بيت من الشعر الذي يقوم موضوعه على الملاحم والأساطير ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وقد وقع عليها كلها باسم (إيليملك).

هذا مجمل القصة التي روتها مجلة (الطرائف الأدبية) الفرنسية، وهي قصة كشف أدبي سيكون له أثره في تاريخ الأدب، وعندما نترجم هذه الأشعار إلى لغة حديثة يمكن لمؤرخي الأدب القديم أن يصححوا كثيراً من الأحكام في ضوء هذا الكشف الجديد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>