تناولت أمس بالبريد مجموعة (زهر وخمر) للشاعر الساحر علي محمود طه فصار عندي من مجموعاته الخمس اثنتان: الملاح التائه وزهر وخمر. أما ليالي الملاح التائه، وأرواح وأشباح فستصلني بالبريد حالما يقع نظر أخي الشاعر على هذه الكلمة، فأنا أحبه وأحب شعره، ولن أكلف نفسي مشقة إفهام خصومه لماذا أحب شعره ولماذا أحبه، فإذا كان شعره لا يستطيع أن يضع في عيون أولئك الخصوم نوراً، وفي أنوفهم عطوراً، وفي قلوبهم فلن يستطيع لساني
فيا خصوم علي محمود طه؛ ستموتون ويبقى هو حياً. فغراب الموت البشع يقعقع في سطوركم، وعروس الحياة الجميلة تحلم في قصائده
ألا تعرفون حكاية الضفدع والحباحب؟ إذن فاسمعوها: رأى ضفدع يوماً حباحباً يلمع على حافة غدير، فخرج إليه قذراً ساخطاً وراح يبصق عليه. فقال الحباحب:(ماذا فعلت بك؟ من أين جاءك هذا الغضب؟) فأجابه الضفدع: وأنت من أين جاءك هذا اللمعان؟)
على أن ما يعزيني ويطربني ويملأ نفسي رجاء أن الإقبال على شعر علي محمود طه كبير، وفي هذا دليل كاف على أن الشعور بالجمال مطرد النمو في مصر كما هو في لبنان
فيا أخي الشاعر علي محمود طه! أنا أقطن أجمل بقعة في الأرض: ورائي شيخ الجبال، وأمامي وحولي أروع وأعذب ما مهرت به الطبيعة بلداً من بلاد الله: شاطئ كشعرك ذهب وفضة: فضة حين أتركه في الصباح إلى المدينة، وذهب حين أعود إليه في المساء، وخليج كله فتنة كشعرك في (الجندول) أو في (كليوباترا)(فاتنة الدنيا وحسناء الزمان)، ورواب كشعرك شماء وادعة، وسماء. . . سماء كأنها شعرك: جمال وحب وإلهام، وجو كله كشعرك غناء؛ وماذا أقول بعد؟ في هذه البقعة الطيبة في هذا الإطار الساحر قرأت شعرك أو قل تغنيت به وأحببتك. ويقيني أنك ستجيء يوماً إلينا، فأصعد بك إلى الشيخ صنين وننحدر معاً إلى الروابي فالخليج فشاطئ الذهب والفضة. ويقيني أيضاً أن هذا الشاطئ سيظفر منك بأغنية أشجى من أغنية لا مرتين في شاطئ سرنته، أو (سرنت) على قافية (برلنت)