للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[محمد الزوج]

مؤامرة في بيت الرسول

للأستاذ محمود غنيم

- ١ -

دنت الرءوس من الرءوس، وهمست الأفواه في الآذان أن رسول الله غاضب. ورسول الله غاضب حقاً، غاضب على نسائه جميعهن حتى عائشة - كم لعائشة من دالة عليه! - لقد كان يطوف بأبوابهن أصيل كل يوم، فما باله الآن في عزلة تامة لا يطرق لإحداهن باباً، ولا يكشف لها حجاباً؟

طال غضب الرسول، وطال احتجابه، فلم يعد الأمر سراً يحبس في الصدور، أو يتناجى به اثنان في همس، ولكنه تجاوز الصدور إلى الشفاه، والإسرار إلى الإعلان، والاثنين إلى الجماعة، حتى أصبح حديث الأندية في يثرب، وموضع التكهنات والتخرصات؛ والغمرة لا تنجلي، والغمام يتراكم في الأفق، واللازبة تشتد، حتى ترددت على الألسن كلمة (الطلاق) بما تحمل في طياتها من بشاعة وهول، وحتى أشيع أنه على وشك الوقوع، أو أنه وقع فعلا وقضي الأمر

ولكن أين أبو بكر وعمر؟ أين كبار المهاجرين والأنصار؟ ألا يقابلوا الرسول فيضعوا حداً لهذه التخرصات؟ كلهم تحدثه نفسه بذلك، ولكنه لا يقدم عليه. إن رسول الله ملء العيون، ملء القلوب، فلا يكلم إلا حين يبتسم؛ ولكنه عابس الوجه متغضن الأسارير، فمن هو الشجاع الذي يغامر بنفسه في هذا الميدان؟ لهم أن يخوضوا المعامع، ويقتحموا على اليهود حصونهم، ويرووا ذباب سيوفهم من دماء المشركين في بدر؛ أما أمام الرسول فهم عيون خاسئة، ورءوس منكسة، وأفئدة هواء

إيه يا نساء النبي، ويا أمهات المؤمنين، ما فعلتن برسول الله؟

- ٢ -

عجباً لرسول الله! تجبى إليه الأموال من كل فج في جزيرة العرب، ويضع يده على كنوز خيبر وقريظة والنضير، وتنصهر خزائن اليهود في لظى الحروب التي شنها عليهم، ثم

<<  <  ج:
ص:  >  >>