للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قصة المكروب]

كيف كشفه رجاله

ترجمة الدكتور أحمد زكي

وكيل كلية العلوم

بستور والكلب المسعور

وصل الفائت

حقن بستور في دجاج مكروباً قديماُ ضعيفاً لداء كوليرا الدجاج، فمرض الدجاج ولكن لم يمت. وكان ذلك مصادفة. ثم حقن فيه مكروباً جديداً فتاكاً فلم يمت. فتوصل بذلك إلى طريقة لتحصين الدجاج ضد الكوليرا، إلى طريقة اللقاح أو الفكسين المعروفة اليوم.

قلت فيما مضى إن بستور يضمر في نفسه عبادة هذا الشيء العظيم الرائع الخفي في هذا العالم المجهول، وكثيراً ما ركع وسجد لهذه اللانهائية المستورة. ولكن أحياناً كان يأتيه الأمل فيطلب القمر وينسى رب السماء. وكلما رفعت إحدى تجاربه الجميلة ستاراً عن خفية من خفايا ذلك المجهول الضخم الرائع بأسراره، ظن أن كل الخفايا انكشفت، وأن كل العقد انحلت. هكذا كان حاله ومزاجه في هذه الساعة التي نحن فيها. إنه استطاع حقاً أن يحمي الدجاج حماية تامة من داء مميت بأن أحتال له تلك الحيلة الجميلة فحقن في الدجاج شيئاً من المكروب القتال بعد تأنيسه وإضعاف شرته، ولكنه ما كاد يستيقن من نجاح حيلته حتى قال لنفسه: (وما يدريني؟ فلعل مكروب هذه الكوليرا يحمي الدجاج من كل داء خبيث آخر). وما عتم أن حقن عدداً من الدجاج بمكروب الكوليرا بعد إضعافه، ثم أتبع ذلك بحقنة من المكروب الجمرة الخبيث، واصطبر فلم يمت الدجاج! فهاج وماج وكتب إلى أستاذه القديم دوماس، ولمح له أن مكروب كوليرا الدجاج قد يكون لقاحاً عاماً يحصن من كل الأدواء. وكتب إليه يقول: (فإذا تأكد هذا، جاز لنا أن نأمل من النتائج أخطرها، حتى فيما يتعلق بأدواء الإنسان)

وفرح دوماس الشيخ بالذي قرأ، فنشر الخطاب في التقارير الرسمية لأكاديمية العلوم،

<<  <  ج:
ص:  >  >>