(لم ظهر النفاق في المدينة؟ - رأس المنافقين - أعمالهم
وصفاتهم زمن السلم - إظهار الإسلام وإخفاء الكفر الطعن في
النبي وآله - السعي في التفريق بين المسلمين)
قدمنا في المقال الثاني والثالث أن الجماعة الأولى من الطابور الخامس في القرآن هم اليهود، وذكرنا بتفصيل مقدار خطرهم وضررهم على النبي ودينه وأصحابه، والنوع الثاني أو الجماعة الثانية هم المنافقون:
كان بجانب اليهود جماعة من أهل المدينة وممن حولها من الأعراب تعمل جهدها سراً وجهراً على إضعاف الإسلام وتود أن يفنى المسلمون وتذهب ريحهم. أولئك هم المنافقون الذين لم يكن لهم وجود وعمل إلا بعد الهجرة، ويقول اللغويون أن النفاق كلمة لم توجد في الجاهلية، وإن القرآن قد جاء بها وصفاً لطائفة تبطن الكفر وتظهر الإيمان رغبة في الاستفادة من مغانم المسلمين، وفراراً من أثر الهزيمة إذا دارت على المؤمنين دائرة الحرب، وأملاً في استئصال النبي ودينه بطريقة مستورة
أما سبب ظهورهم بالمدينة دون مكة، فهو أن النبي قام يدعو إلى دين الله بمكة وهو وحيد، فعارضه أكثر أهلها وبخاصة الأشراف منهم حتى أشراف عشيرته الاقربين، فلم تكن بالذين تخلفوا عنه - وهم أهل الشرف والعزة بمكة - حاجه أن ينافقوا؛ وباعد بينهم وبين الدخول في الإسلام سراعاً خوفهم من ضياع مركزهم الأدبي وسلطانهم القبلي وتمسكهم بما كان عليه آباؤهم من دين وعادات
وكان الأمر على العكس من ذلك بالمدينة، فقد أسلم الكثيرون من سادتها وكبرائها وتبعهم أكثر أهلها، وزاد الإسلام فيها قوة بمن هاجر إليها من السابقين الأولين من المهاجرين،