جرى الاصطلاح بإطلاق صفة (الشعبي) على الوضيع والرخيص أو ما دون المستوى الرفيع.
نقول: فكرة شعبية، أي أنها مشوبة بمطاوعة الأهواء والنزوات، لا سلامة فيها ولا سداد.
ونقول: نكتة شعبية: نريد أنها لا تخلو من تبذل وإسفاف.
ونقول: طعام شعبي، نعني أنه ساذج في مظهره، غير متقن ولا مستساغ.
ونقول: ثوب شعبي، للدلالة على أنه من نسيج غير فاخر، ولذلك يرخص ثمنه، ولا يعز على المقلين شراؤه.
ونقول: مسرح شعبي، فيفهم عنا السامع أنه مسرح لجمهور العامة، لا يتذوقون فيه شيئاً من الأدب السري والفن الرفيع.
فكل ما هو منسوب إلى الشعب محمول عليه مجانبة السمو والأصالة والجودة، مفروض فيه الابتذال والتفاهة والهون.
فهل صحيح ذلك في ميدان الأدب على وجه خاص؟.
هل (الشعبية) في الأدب أن يتصف بالابتذال والضعة، وأن تجانبه خصائص الأدب الرفيع في التفكير والتصوير والتعبير؟.
أما الأمر الواقع فبين ظهرانينا نتاج أدبي يشيع الآن في بعض طبقات الشعب بقدر كثير أو قليل، ومعظم هذا النتاج ضئيل الحظ من رفعة الفن وسموه، سقيم الأداء، لا يخلو من تبذل وإسفاف، ولكن تسميته بالأدب الشعبي ظلم عظيم، فإن صفة هذا الأدب تلحق بأصحابه لا بالشعب، ثم بالدين تقف بهم ملكاتهم وقرائحهم ومواهبهم في مستوى محدود، فتتقاصر عن أفق الفن الرفيع، فإن دل أدبهم على شيء فإنما يدل على مستوياتهم ومزاجهم لا على مستوى الشعب ومزاجه.
حقاً إن هذا اللون من النتاج الأدبي يلاقي من أفئدة السواد هوى، ويصادف من الجمهور مزيد إقبال. ولكن هذه الظاهرة ليست فيها حجة على الشعب، فالنفوس بطبيعتها يستهويها ما يرضي بعض الغرائز القريبة الاستجابة وما يلائم النزوات التي تتعاور الإنسان في