وما صادفه من صعاب سبق ذكرها، صادفه هنا في تنفيذ مشروعاته الفنية الخاصة بحقوق أميري المديتشي جيليانو ولورنسو، اللتين كان قد أوصى بعملهما الكردينال جليودي مديتشي في سنة ١٥١٩، ولم يبدأ في تنفيذهما إلا سنة ١٥٢١ بعد تعديلات وأخذ ورد
على أنه عمل بيده فيها من سنة ١٥٢٧ إلى سنة ١٥٣٠، ووقف عندما أضطر للفرار لهبوب العاصفة السياسية التي انتهت بانهزام المديتشي وخروجهم من فلورنسا. عندئذ عمل ميكيلانجلو تحت لواء الجمهورية حتى عودة المديتشي ثانياً
وبعد موت البابا بقليل سافر في سبتمبر سنة ١٥٣٤ إلى روما دون أن يتم أعماله إلى النهاية فقد ترك اثني عشر تمثالاً دون إكمال إلى أن أتمها جورجيو فاساري (١٥١١ - ١٥٧٤) الذي كان مصوراً ومهندساً معمارياً ومؤرخاً لعصره، والذي بنى قصر أوفيسين بفلورنسا بردهته المعتبرة من أجمل ردهات قصور إيطاليا
ويحسن بنا أن نعلم بعض الشيء عن هاتين المقبرتين المشهورتين، التين تعدان آية من آيات الإعجاز الفني، فبين حائطين تنحصر مسافة خصصت للمقبرتين، ولكل منهما تمثالان رمزيان إحداهما لامرأة والآخر لرجل، وفوقهما نافذة أشبه بقبلة وضع فيها تمثال للمتوفى جالس.
أما التماثيل الرمزية فهي عارية الجسم، وأكبر من الحجم الطبيعي قليلاً، وتمثل الأوقات اليومية الأربعة وعلاقتها بالنفس وهي (الليل، النهار) و (الفجر، المساء) معبرة عن الأسى والحزن لوفاة الأميرين.
وقد عبر ميكيلانجلو عن الليل بامرأة نائمة وعند قدميها بوم. وأما النهار فقد مثله برجل هرقلي التكوين، ولكنه ترك الرأس والذراع غير كاملين، وكلاهما في غاية القوة الإنشائية