تكاد تكون شخصية ميكيلانجلو من أعقد الشخصيات؛ ذلك لتعدد نواحي دراسته وتحديد مواهبه الفنية فإذا استعرضت تاريخ حياته في مختلف المصادر، وجدت أن كل مؤرخ فني تفرغ لتناوله من ناحية معينة، بغية الوصول إلى تعريف محدود له، ينتهي بوضع أساس يتفق وعظمته.
وقد قرأنا عنه الكثير، وشاهدنا من إنتاجه وأثاره ما فيه الكفاية، ووجدنا بعض مؤرخي الفن يدرس كمهندس معماري، وآخر يحلله كنحات، وثالث كنقاش، ورابع كمصور، وخامس كشاعر، وسادس كعاشق، دفع به الهوى إلى تلحين ملحمات غزلية ألفها في ساعات إلهامه.
وقد أخذنا على عاتقنا دراسة ميكيلانجلو دراسة فنية مبسطة ولكنها شاملة، وتناولناه بالبحث كنحات عظيم. ولكن لا نكون قد أدينا رسالة الفن تمام التأدية إذا لم ندرسه كمصور أيضاً، حتى تتم بذلك معرفتنا له من ناحيتيه البارزتين وهما النحت والتصوير؛ ولا سيما وهو لم يكن ليقل عظمة في الأخير عن الأول، بل إنه استطاع إظهار أدق وأعمق مشاعره النفسية، وأفكاره الملهمة في التصوير الذي أخرجه على أعظم جانب من الإجادة وحسن الانسجام.
وإذا كنا قد علمنا أن ترك بعض منحوتاته دون إكمال، فإنه يهمنا أن نعلم أنه لم يترك من مصوراته إلا ما ندر غير كامل، ومن هنا نستطيع أن ندرسه دراسة وافية كمصور، ونصل بها إلى الأعماق التي لم نستطع الوصول إليها في النحت الذي قررنا أن اتجاهه فيه كان مثلياً كما كان في التصوير، وهي ظاهرة طبيعية يحتمها التناسق في الإنتاج الفني والخلق المبتكر.