كتبنا في العدد السابع كلمة عن العيد جاء فيها أن غياب المرأة عن المجتمع الإنساني جر عليه فيما جر الجفاء والجفاف والسآمة والفوضى. فوقع هذا القول من الجنسين البارز والمستتر موقع التسليم والرضا. ولكن قليلا من صالحي الإخوان لا يزالون يرون إقصاء المرأة عن الحياة العامة أمراً من أوامر الدين، وقاعدة من قواعد الخلق، فكتبوا إلينا وإلى بعض الصحف يفندون هذا الرأي بحجج انتزعوها من أحاديث الظنون، وهواجس الخوف، ومواضعات العرف.
أما صلة الحجاب بالدين فقد فرغ من توهينها العلماء من أمد طويل. وشديد على العقل أن يسلم بأن البدويات والقرويات ومعظم الحضريات (ومجموعهن يربى على تسعين في كل مائة من جميع المسلمات) قد تعدين بسفورهن حدود الله منذ ظهر الاسلام، ولم يأخذ على أيديهن إمام ولا حاكم حتى اليوم.
وأما الاعتقاد بأن احتجاب المرأة هو الضمان الوحيد لحصانتها وعفتها فذلك إفلاس للتربية، وسوء ظن بالدين، وإلقاء بالنفس إلى الرذيلة!
فلو أن الفتاة وهي صغيرة فتحت عينها على القدوة الحسنة، وأذنها لصوت الواجب، وقلبها لنور الله لوجدت من روحها القوى وضميرها النقي وزرا من الفتنة وعصمة من الغواية.
فالتربية الصحيحة إذن هي الضمان الذي لا يضر معه سفور، ولا ينفع بدونه حجاب، وهي وحدها السبيل المأمونة إلى الغاية التي قصدناها من تلك الكلمة، ولا زلنا نعتقد اعتقادا لا ظل عليه للريب أن غاية الكمال الاجتماعي أن يكون الرجل في كفة والمرأة في كفة من ميزان المجتمع، وتلك هي السنة التي فطرنا عليها الله، والنظام الذي فرضته علينا الطبيعة، والواجب الذي يتطلبه العدل، أما المجتمع الأعرج الأشل البليد الخشن، فغير جدير بالسباق ولا باللحاق في هذا العصر الطموح الطائر، ومجتمعنا بغير المرأة هو ذلك المجتمع: فهو اعرج لأنه يمشي على رجل واحدة، أشل لأنه يعمل بيد واحدة، بليد لأن حدة العواطف تنقصه. خشن لأن لطافة الأنوثة تعوزه.
لاحظ مجلسا من مجالسنا احتشدت فيه الرجال شبابا وشيبا فماذا تجد؟ تجد الحركات