للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

مأساة عربية:

هذه قصة من صميم الواقع أنقلها إلى القراء الكرام كما رواها لي صديق شاعر قد زار شرق الأردن وبض الأقسام العربية من فلسطين التي ضمت إلى الأردن مؤخرا، وليس لي فيها سوى الرواية. قال محدثي ونحن جلوس في (مقهى الزهاوي) ببغداد نتسمع إلى آخر الأنباء في السياسة الدولية: -

عند طوافي في شرق الأردن بصحبة زعيم فلسطين زرنا مدينة نابلس. وفي الطريق مررنا باللاجئين العرب الذين شردتهم السياسة اللعينة من ديارهم وكانوا يسكنون الخيام بمجموعتهم الغفيرة، وهم حفاة بألبستهم المهلهلة القذرة، وقد أردت أن أستفسر عن حالهم من صديقي الفلسطيني فأخبرني أنه يريد أن يريني صورة صادقة، ثم جذبني من يدي ودفع باب إحدى الخيام المبثوثة في طريقنا ودخل وأنا وراءه. وبعد السلام وإبداء التحية هتف صديقي، قومي يا (فلانة) لاستقبال صديقنا هو عربي عراقي جاء يستفسر منك لينقل إخواننا العرب في شتى الأقطار حالتكم. وما فرغ من كلامه حتى شرقت الفتاة بالدمع وهي تحتضن طفلا صغيرا بجانبها وكانت فتاة في أوج أنوثتها وشبابها، فلم أتمالك نفسي من التأثر، فأخرجت من جيبي بعض المال وسلمته إلى الطفل وخرجت وأنا ألعن الجامعة العربية وحكوماتنا على هذه السياسة اللعينة التي جلبت علينا العار والشنار، وفي الطريق روى صديقي الفلسطيني قصة هذه الفتاة قال:

- هذه (فلانة) بنت (فلان) وهو من كبار شخصيات فلسطين تخرجت من جامعات بريطانيا، كانت تملك من الأرض وبيارات الفواكه ما لا يحصر، استشهد أبوها وأخوها الأكبر في إحدى المواقع، أما أمها فقد ماتت كمدا، ولم بيق لها غير هذا الطفل وهو أخوها الصغير، وعندما استولى اليهود على فلسطين أصبحت هذه الآنسة الثرية لاجئة تعيش على الصدقات! فهل من مأساة أبشع وأفظع من مأساة هذه العربية؟! فقلت وأنا أشرق بدموعي: لتحل علينا اللعنة ما دامت عجلة الحياة تدور

هذه القصة انقلها إلى القراء، تاركا لهم التعليق وللجامعة الفخر والتبجح بالماضي المجيد

عبد القادر رشيد الناصري

<<  <  ج:
ص:  >  >>