[من ديوان البغضاء:]
الست التي. .؟؟
للأستاذ محمود محمد شاكر
بَلَى! كنتِ في قلبي سِرَاجا يضيئه ... فيفترُّ عن أنوارِه كلٌّ جانبِ
وكنتِ حياة للحياةِ تمدٌّها ... بأفراحها في عابسات المصائب
وكنت ليَ البرَّ الوديع إذا غلت ... بأمواجها وادَّافعت بالمناكب
وكنتِ نسيما واللَّظى ينشِفُ اللَّظى ... ويتركُ ظِل الدّوْح ظلَّ اللّواهب
وكنتِ ملاذي والشؤون كأنّها ... من الدّمع ينبوعٌ يجيش بغارب
وكنتِ إذا ما العينُ مدّت هيامها ... إليكِ تلّقتها احنُّ الترائب
وكنتِ كأنفاسِ الرياضِ، عبيرُها ... على الفاقِدِ المحزون فَرْحة آيب
َبلَى! كنتِ. . . كنت السحرَ تبدو صدورُه ... من الخير تخفى منه شَّر العواقب
ارى الحَّية الرقطاَء اجملَ منظراً ... وألينَ مسّاً من ثِديّ الكواعب
إذا ما تراَءتها العيونُ بريئةً ... من الخوف خالتَها دُعابةَ لاعب
تدانىَ إلى اللاّهي دُنوَّ مقاربٍ ... فيدنو ويُدْنِي كفّه كالمُداعب
إلا ارْفَعْ يداً، واذهب بنفسك رهبةً ... فمن حُسنها نابٌ شديد المعَاطب
بَلَى! كنتِ. . . إذ عيني عليها غِشاوةٌ ... وإذْ أتردَّى من سوادِ الغياهب
وأُخرى على عينِ البصيرة خيَّلت ... لنفسي هداها بالأماني الكواذب
أُرى من تكاذيب الخيالِ كأنني ... إلى جنة الفردوس أحدو ركائبي
أُغني لآمالي لأبلغ غايتي ... وأُدرك لذّاتي، واجني مطالبي
وما ذاك إلاّ راحةُ القلب بالهوى ... وبالوُدِّ في عيشٍ شديد المتاعب
وأَن أَرِدَ الماء الزلالَ. . . ولم أَرِد ... وقد عشت دهرا - غيرَ رنْق المشارب
ألا فاعلمي أني ظَمِئت، وأنّني ... تجنبت جُهِدي الماَء جمَّ الشوائب
فجئتُك ضمآنا يموتُ بِغُلةٍ ... فأغريت بي الغُلاتِ من كل جانب
لقد كنتُ خِلواً انْتحي حيث اشتهي ... وأرْضَى وآبى مُقدِما غير هائبِ
تسهِّلُ لي الصعب الأبي عزيمتي ... ويكفُلُ لي صدقي قضاءُ مآربي