للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العقدة النفسية]

في طريق التكون وفي طريق الزوال

للأستاذ حسين الظريف المحامي

يراد بالعقدة كل مرض يصيب الحياة العقلية. وتفصيل ذلك أن الطفل يولد وعقله الواعي ستارة بيضاء، حتى إذا اتصل بوالدته وذويه وبالوسط الذي هو فيه، بدأ عقله الشاعر يتكون ويتطور، ودنوت على تلك الستار معاني ما يأخذه عما حوله.

ويمكن إجمال أدوار الطفولة في أن الطفل يشعر بادئ ذي بدء بأنه جزء من أمه، حتى إذا بلغ الثلاث من العمر، أخذ يشعر باستقلال نفسه، وذكت فيه عاطفة فرض ما يريد على الغير ولفت نظرهم إليه.

ويلي هذا الدور، دور السؤال عما حوله كمن يريد أن يحلل ويعلل، ولا يندر أن يسأل الطفل عن نفسه: كيف وجد؟ ومن أين أتى؛ وهو في كل أدواره هذه يعمل على تكوين وتنمية عله الواعي، مفزعاً إياه في الوضع الذي تهيئه له معاني وسطه المحدود.

فحياة عقلنا الظاهر يبدأ تاريخها منذ الولادة، غير أن هذه الحياة قد تكون سلسلة متعاقبة الحلقات، وقد تقوم بين هذه الحلقات بعض الحواجز فتفقد السلسلة صفة التسلسل، وما هذه الحواجز إلا العقد التي تعتور العقل الشاعر في طور نموه، فتقف حائلاً دونه، وترغمه على تبديل اتجاهه الطبيعي بآخر معوج يدركه فيه بعض الشلل.

قد تكون هذه (العقد) في صورة إدراك حقيقية مغلوطة تفقد جزءاً من العقل بعض ارتباطه، وقد تكون منبعثة عن سوء تربية الطفل وعما وراء هذا من مختلف العوامل، فينشأ الوليد شاذاً غير سويّ

إن الدافع الجنسي في الطفل تكون بعد الولادة بقليل، ومن مظاهره مص الأصابع، والرغبة في القبض على الثدي بالشفاه، حتى في غير أوقات الرضاع. هذا ما يقوله الدكتور فرويد ويضيف إليه أن الطفل يوزع حبه على أفراد عائلته، غير أنه يهب أكثره لأمه لشدة اتصاله بها، فإذا ألهاها عنه الزوج نشأ عنده الكره لأمه والغيرة من أبيه، ويزداد هذا الانفعال رسوخاً بتكرر الوقائع، حتى يصبح فيه الطفل واقعاً بين عامل الحب لأحد أبويه، وعامل البغض والغيرة، فإذا بلغ الحلم وجه حبه إلى من يختار من الجنس الآخر، وبذلك يجد

<<  <  ج:
ص:  >  >>