الحب له منقذاً طبيعياً يفنى فيه. أما إذا لم يوجه التوجيه الصحيح لجهل الأبوين أو لشذوذ في الطفل، فقد يبقى الفتى محباً لأمه، أو لمن يماثلها من الفتيات، وتبقى الفتاة محبة لأبيها، أو لمن يماثله من الفتيان؛ وهذا مظهر من مظاهر الشذوذ الجنسي، وهو ما يراد من العقدة. ذلك لأن سلسلة الفكر عن الحب وموطن وضعه فيه لم يجر على ما هو بصورة طبيعية، وإنما انحرف عما خلق له، لعامل في نفس الطفل، أو لشذوذ في تربيته، وسلك طريقاً آخر غير سوى، قد يكون مصدر كثير من آلامه طول حياته.
كذلك يمر بالطفل دور يحب فيه معرفة ما يحيط بموضوع الولادة، فيبدأ بالسؤال عنه فتسكته أمه بما يشعر بقبح الموضوع، فيلتهب فيه حب الاستطلاع بطريقة غير حميدة، ويجد في الموضوع لذة على الرغم من إفهامه أنه قبيح، وتكون النتيجة اعتقاد الطفل بأن الشيء اللذيذ هو الشيء القبيح. وهنا تنشأ العقدة. ويترتب على ذلك أحد أمرين، فإما أن يكره الطفل أن تقترب منه أمه، أو تتولد فيه الرغبة في المخالطة المادية، فيتبع إحدى الطريقتين، إما الخجل أو اللذة الجسدية؛ فإذا أنكفئ الطفل على ملذاته ورأى منه والده ما يريب وانتهره ولجأ معه إلى الشدة، انقلب خوف الولد من أبيه إلى الكره له، والاعتقاد بأنه لو لم يكن أقوى منه لما خذله، وتكون العقدة في نفس هذا الطفل، هي شعوره بالضعف. ولما كان الصغير لا يجد أمامه مجالاً للإفصاح عما وقع له فهو يحاول إخفاءه عن الجميع، ويوجد في محاولته هذه الصفات المضادة للصفات التي يحاول إخفاءها، كطرق دفاعية نفسية ضدها يشعر ما يشعر به من ضعف يوشك أن يظهر للناس.
قال فرويد: إن للعقل الباطن طريقتين متناقضتين للتعبير عما فيه؛ فقد يكون رجلاً فاضلاًُ شريفاً ذلك الذي يطيل الحديث عن الشرف والفضيلة، وقد يكون سافل النفس دنيئاً فأرد أن يخفي بهذا الحديث ما يعرفه في نفسه مخافة أن يعرفه الناس. وعلة هذا أن العقل الباطن يجب أن يعبر عن النشاط الكامن فيه فإذا كان أحد الطريقين مقفلاً اختار الطريق المقابل
إن الطفل يحمل كثيراً من الغرائز التي يجب أن تعبر عن ذاتيتها وحيويتها في أعماله؛ فإذا نحن منعناه عن الإفصاح عن إحدى غرائزه، اختار للتعبير عنها طريقاً آخر شاذاً، تنشأ فيه العقدة في نفسه، وقد يضغط على رغبة التعبير عن إحدى الغرائز فتتسرب تلك الرغبة إلى