عدت إلى دمشق من نزهة مضنية في حلب وضواحيها كما عدت أنت من رحلتك الطويلة:(خيالاً لا ينفض بعدها يديه من خداع الأوهام ويلقى عصاه). . واستقبلني المرض فاعتصمت بالسرير أياما طويتها في القراءة والتأمل، ولقد طلعت على الرسالة قبل غيرها من بريد الكتب والمجلات، فقرأت تعقيبك على كلمتي الأخيرة، وأسفت اشد الأسف أن حالت الحوائل دون زيارة الإسكندرية والقاهرة خلال انعقاد المؤتمر الثقافي الثاني، ويسرني أن تعلم أن رؤيتك ورؤية الأستاذ الزيات تعدلان عندي هذا المؤتمر الثقافي الذي لا يعدوا أن يكون مؤتمر كلام وطعامدون أن يكون مؤتمر تنفيذ وأفعال. . وما عهدي بالمؤتمر الثقافي الأول الذي عقد في (بيت مرى) من لبنان ببعيد، وما احسب حكومة (عربية) واحدة نفذت قرارات المؤتمر الثقافي الأول حث بحق لها أن تشترك في المؤتمر الثقافي الثاني!
على أني آملة من الله آن يكتب لنا لقاء قريباً في أعقاب الخريف فأزور القاهرة والقه الأستاذ الزيات في دار لرسالة ونبحت طويلاً في (شؤون الأدب والأدباء ومشكلة الكتب وأزمة القراء. .) ولعلها احب الأحاديث إلى نفسي وأشهاها إلى خاطري.
لا أحب أن نتقارض الثناء فنتحدث عن أسلوبي بتميز بالنضج والأصالة، وأتحدث عن شباب أسلوبك وأناقة صورك ورفاهة أخيلتك، ولكنها كلمة صريحة أود أن أطلعك عليها فلقد قرأتك كثيراً وعرفتك كما تعرف نفسك ولكني في هذه المرة اكتشفت ناحية أدبية جديدة فيك وهي أن لك حين تكتب عقل (طه) وقلب (الزيات). . وما رأيت أحدا غيرك من أدباء هذا العصر؛ استطاع على طراءة الشباب أن يبلغ ما بلغت من أسلوب مكين متين، وصور أنيقة رقيقة، وخيال خصيب عجيب! فاحرص ما استطعت على صداقة الزيات واحرص على مكانك من رسالته، فليس أجدى على الأديب مثل أن يلقى الأديب ويصادقه ويعايشه.
مع هذه الرسالة قصيدتي (قصة قلب) وهي لون جديد من ألوان الشعر العاطفي يلخص