في النشرة الأخيرة للجامعة الأمريكية في بيروت مقال افتتاحي عنوانه (علم الفلك - علم غير مفيد) وقد أوحت إلي قراءته أن أكتب هذه العجالة في الفوائد التي جناها الإنسان من علم الفلك. ويلاحظ أن المتعلمين وطلاب المدارس العالية والكليات والجامعات يختلفون في نظرهم إلى هذا الفرع من المعرفة اختلافا بيناً فمنهم من يقول بوجوب تدريسه والاعتناء به، إذ فيه فوائد ومنافع عادت على البشرية بأطيب الثمار، ولولاه لما شعر الإنسان باللذة الروحية شعوره الحالي، ولبقى نظرنا إلى الكون في نطاق محدود، وفي محيط ضيق؛ وفريق آخر يقول بعدم فائدة علم الفلك، وبأن في تدريسه إضاعة للوقت فيما ليس فيه غناء، وأن الأولى لنا أن نهتم بشيء يعود على المدنية بالمتاع والنفع. ولا يقف هذا الفريق عند هذا الحد، بل يتعداه إلى الجهر بأن الاعتناء بعلم الفلك وإنفاق الأموال الطائلة على مراصده وآلاته ضرب من الهوس والسخف؛ ويتساءل هذا الفريق قائلاً: ماذا يستفيد الإنسان من معرفته أن الأرض كوكب من كواكب أخرى تدور حول الشمس، وأن لهذا الكوكب تابعاً - القمر - يدور حولها؟ وهل يزيد في سعادة البشر ورفاهيتهم إذا عرفوا أن لبعض الكواكب توابع كما للأرض؟ وهل في القول أن في السماء نجوماً لا عديد لها بعضها أكبر من الشمس وبعضها أصغر، وأن هناك أنظمة أخرى وسدماً ومجرات وعوالم، هل في كل ذلك ما يعود علينا بالتقدم؟ هذه بعض أسئلة الفريق الذي لا يؤمن بأهمية علم الفلك ومنافعه. ويسرني ألا أكون من هذا الفريق وأنني أخالفه وأن أكون من الفريق الأول القائل بسمو علم الفلك وأثره الفعال في تطور نظر الإنسان إلى الكون وما يحويه من أعاجيب
وفي رأيي أن علم الفلك من العلوم الواجب تدريس مبادئها لطلاب المدارس العالية والكليات والجامعات وجعله إجبارياً، حتى يخرج الطالب وقد جمع إلى العلوم العملية والفنون النافعة علماً ومعلومات عامة وهي أسمى أنواع المعلومات، توسع أفق التفكير وتنير العقل، وتزيد في الاعتقاد بقدرة الخالق وعظمته المبدعة. وأرجو ألا يساء فهم القصد من تدريس مبادئ علم الفلك لطلاب التعليم العالي، فقد يُظن أني أطلب تدريس الفلك على وجه مفصل حيث المعادلات العويصة والأرقام المخيفة والعمليات المرعبة. . .! أنا لا