للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من قراء كتاب الله]

الشاطبي

للأستاذ أحمد أحمد بدوي

المدرس بكلية دار العلوم

هو القاسم بن فيره بن خلف الرعيني الشاطبي، ولد في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بشاطبة إحدى بلاد الأندلس، فاقد البصر، فحفظ ببدلته القرآن، وقرأ بها القراءات وأتقنها، ثم رحل إلى بلنسية بالقرب من بلده، حيث عرض ما درسه من القراءات على بعض أساتذتها، وأعاد درس كتاب التيسير للداني، ودرس الحديث والنحو والأدب والفقه والتفسير، فقرأ الكتاب لسيبويه، والكامل للمبرد، وأدب الكاتب لأبن قتيبة. وربما قرأ بها كتاب الظمآن في تفسير القرآن، على مؤلفه أبي الحسن بن النعمة، كما روى تفسير عبد الحق بن عطية. وقد أوتى استعدادا خاصا، منحه النبوغ في كل مادة درسها. وكان قوي الحافظة، فكان عالما بكتاب الله قراءة وتفسيرا، مبرزا في حديث رسول الله، إذا قرئ عليه البخاري ومسلم والموطأ يصحح النسخ من حفظه، ويملي آمالي على الموطأ في المواضع المحتاج إليها، إماما في النحو واللغة ورواية الأدب، إلا أن السليقة الأدبية كانت تنقضه، فجاء شعره معقدا صعبا، تنقصه حرارة العاطفة وروح الفن، ومن ذلك قوله:

يلومونني إذ ما وجدت ملائما ... ومالي سليم حين سمت الأكارما

وقالوا: تعلم، للعلوم نفاقها ... بسحر نفاق تستخف العزائما

وهي قصيدة طويلة. وله:

بكى الناس قبلي، لا كمثل مصائبي ... بدمع مطيع كالسحاب الصوائب

وكنا جميعا ثم شتت شملنا ... تفرق أهواء عراض المواكب

ولكن ذلك لا ينقص من قدره عالما كبيرا.

ويقول أبن خلكان وصاحب نفح الطيب: إنه قد خطب ببلده مع صغر سنه. أما أبو شامة في ذيل الروضتين فيروى أن سبب انتقاله إلى مصر أنه أريد أن يتولى الخطابة ببلده فاحتج بأنه قد وجب عليه الحج وأنه عازم عليه، فتركها ولم يرجع إليها، تورءا مما كان

<<  <  ج:
ص:  >  >>