منذ أسابيع خلت نعى أستاذنا (الزيات) في مقاله البليغ (أدب السندوتش)، على أدباء هذا الجيل النابتين (جهلهم للغتهم، وتقصيرهم في تحصيل آدابها).
ثم على الأستاذ (المازني) على هذا المقال، وحدثنا عن شغفه بالكتب في أيام تحصيله الأولى، وعن جلده على القراءة والدرس، وقص علينا قصته مع كتبه يوم زواجه، وكيف آثر الخلوة إلى هذه (الضرة) صباح يوم الجلوة على الجلوس والتحدث إلى زوجه العروس التي لاقت من ضرتها كل ما يسوء ويضجر والتي نسأل الله لها الرحمة والرضوان وإلهامها أن تقابل ما تجد من اغتياب أستاذنا لها في شتى المناسبات، بالصفح والغفران، وهي آمنة مطمئنة في فسيح الجنان.
ثم تناول الأستاذ (احمد أمين) هذا الموضوع بالبحث والدرس، والتحليل والتعليل. ووعدنا أن يعود إليه - كرة أخرى - ليصف لنا طرق العلاج، وفنون الدواء من (صيدليته) ولعله يفعل.
وأخيراً عالج الأستاذ (العقاد) أدب (السندوتش) من - الوجهة العالمية - وأتى على عوامل شيوعه وتفشيه في آداب الأمم الأخرى المعاصرة.
وهكذا تداول أساتذتنا الأئمة هذا الموضوع من أكثر من ناحية - بالبحث والدرس، والتحليل والتعليل.
وما كان لي - وأنا أحبو على عتبات الأدب حبو الأطفال وأحمل في ميدانه أجسام الأقزام - أن يدفعني ما يلابس - عادةً - نفوس الشباب، من الغرور والصلف والتهور والنزق، إلى أن أزج بنفسي بين أرجل هؤلاء العمالقة الأئمة الأخيار.
ولكنني أحببت - ولست أدري لم - أن أصرف أستاذي (المازني) ساعة عن هذه (الضرة) الباقية التي يهيم بها، والتي لا يطيق لها هجراً ولا بعداً، وأن أثقل فأهذر - أمامه - حيناً، فعهدي به أنه محظوظ من جماعة الثقلاء، فلكم طرقوا بابه موهناً وهو يغط في نومه، وسحبوه من فراشه لسؤال أو مزاح. ثم إني - بعد هذا - أطمئن وأقول له إنني لست من هؤلاء الشباب (الناعمين) أبناء الجيل الجديد، الذين جاءوه زائرين، فأذاقهم (علقته) وردهم