للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بقية من حديث الإيمان]

النبوة - الوحي - المعجزة

للأستاذ عبد المنعم خلاف

كتب إلي كاتب فاضل من بيروت، لم يتكرم بذكر اسمه كاملاً، يستعديني على مقال لدكتور فاضل نشر بمجلة (الأمالي) عنوانه (المعجزة) فسرها فيه تفسير الرافضين الاعتراف بالنبوة بمعناها عند المؤمنين.

وأنا لا أحب الجدل العلني في الصحف، ولا أرتاح إلى نتائجه على النفس والحق وخصوصاً في المسائل الشائكة التي يجب أن تمحص في خفاء وهدوء يوحيان عدم التعصب للرأي، وحب الغلبة أمام الجمهور. ولذلك لم أرد أن أناقش ذلك المقال مناقشة حرفية لأن الألفاظ عالم فضيع غير مضبوط الحدود، وإنما أردت أن ألقي خواطري حول هذا الموضوع الخطير، وفيها يستبين رأيي وردي الضمني على ما ورد بالمقال. وأرجو أن يكون فيما كتبت إرضاء (للعقل المؤمن والقلب العاقل) الذي كاتبني من بيروت.

هل يقنع ناظر باحث في حياة الإنسان العقلية والروحية الأولى أنه يجوز أن يترك الله الإنسان من غير أن يتصل به ويرشده، ويبين له بعض ما خفي عليه وخصوصاً إذا كان هذا الخفاء حول أهم غاية في الحياة العقلية والروحية؟

هل يجوز أن يستمر الكون كله صامتاً أمام الإنسان لا يكلمه فيه أحد بكلمة غير إنسانية؟

أيمر كل الناس هكذا على الدنيا سائرين إلى القبور وأبواب الغاية المجهولة من غير أن يسمعوا حديثاً إلهياً عما وراء الحياة؟

هل يجوز عقلياً ووجدانياً أن يحتجب ربنا عنا من أول رجل فينا إلى آخر رجل هذا الاحتجاب القاتل؟!

أيمكن أن يكون هذا من إله نرى رحمته وسعت كل شيء؟

أيكون أوجدنا لنثبته بمنطق عقولنا فيقتلنا هو بشوق قلوبنا إليه شوقاً لا أمل وراءه؟

أكان من الممكن أن يستقل عقل الإنسان في طفولته المنحطة بالاهتداء إلى الحق الفاصل في قضايا الوجود وما بعد الطبيعة؟

ماذا يغني العقل وحده وماذا يرشد إزاء هذه الألغاز والمعميات التي رآها الإنسان في دور

<<  <  ج:
ص:  >  >>