للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الصحيفة المثالية]

لرجل الصحافة (ويكهام استيد)

بقلم الأستاذ زين العابدين جمعة المحامي

(تتمة ما نشر في العدد الماضي)

واجب الصحافة الرشيدة أن تستوعب أمر هذه الحال المفككة الأوصال وتنعم النظر في سبب تلك الأدواء الاجتماعية وعلة هذا الضلال، ثم تتنزل على ضحاياه لتأخذ بيدهم وتأسوا جراحهم وتنهض بهم من غير أن تبتعد عنهم، أو ترتفع في شرعتها عن مستواهم. وهنا تتهيأ الفرصة للصحفي الذي تأصل في نفسه مثل أعلى وتولى زمامه قصد نبيل أن ينشئ للناس صحيفة رشيدة. وقد أخفى مثله ونبالة قصده في نفسه واختزنها لغرضه حتى لا يسخر منه الحمقى ويضعوا من كفايته قبل أن يتمكن من تحقيق لبانته.

أما عن أمر صحيفتي المثالية التي أحلم بها وأصبو إليها فسوف تطالع الناس وهي تستوعب مصادر الأدواء الاجتماعية ومواردها وتتقصى أسباب الضلال والحيرة الماثلين في الحياة الحاضرة، وهي وإن تصدر في ذلك عن إيمان مكين لا يقل شأنه على أية حال عن إيمان الصحف الحاضرة بواجبها في تقصي تلك العلل؛ إلا أنها ستضع للحق أعلاماً لا شبهة فيها فتعالج تلك الأدواء باعتبارها ضلالاً وحيرة لا أشياء أخرى تعدد حقيقتها وتتجاوز قدرها.

وسوف تتلمس الحقيقة الماثلة وراء الظواهر، وتنتهي إليها، وتظفر بها ثم تذيعها على الناس في جرأة وأمانة فلا تبقي من أمرها على شيء كاذب، ولا تصانع الشعب فيما انعقد إجماعه عليه فتحترم ما جرى عليه العرف فيه لمجرد أنه قد صار للناس عرفاً. وهي إذ تقر لذي الفضل بفضله، وتقدر للمحسن إحسانه، وتوجه التكريم إلى الوجهة التي يجب أن يتجه إليها، ولا تقر له شرعة غير شرعة الحق والعدل، ستدعو التصنع تصنعاً وتسمى الخداع خداعاً بكامل ما انطوى عليه اسمهما من لفظ ومعنى.

وسوف لا تتهيب شيئاً كائناً ما كان أو تخشى في الحق لومة لائم. وإذا هي (لا تتحرج) في معالجتها للموضوعات المؤلمة أو المزعجة، وإذا هي تسجل على نفسها خطأها إذا قدر لها

<<  <  ج:
ص:  >  >>