للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بمناسبة المهاجرين من منكوبي الغارات]

الفقراء

قصيدة لفكتور هوجو

(مهداة إلى السادة: يوسف كمال والبدراوي وقوت القلوب)

- ١ -

الليل مُرخي السدول؛ والكوخ ظاهر الإملاق، ولكنه محكم الإغلاق.

كان المسكن يغشاه الظلام، ولكنك تحس شيئاً فيه يضيء خلال هذه العتمة

على حائطه علق الصياد شباكه؛ وفي أحد ركنيه من الداخل تلمع بعض المواعين الحقيرة على صندوق الخبز؛ وفي الركن الآخر يقوم سرير كبير قد انسدلت عليه أستاره الطويلة

وعلى مقربة منه حشية مفروشة على د كتين باليتين، وخمسة أطفال صغار كعش من أعشاش الأرواح قد رقدوا عليها

وكان في الموقد العالي بقية من الضرم تلقي ضوءها الأحمر على السقف القاتم، وبجانب السرير امرأة وضعت جبينها على حافته وهي جاثية تصلي وفي صدرها نجيّة وعلى وجهها شحوب

تلك كانت الأم، وهي وحدها في الكوخ؛ ومن وراء هذا الكوخ المظلم المحروم، زفرات البحر المزبد المشئوم، يرسلها سوداء في السماء والهواء، وفي الضباب والصخور

- ٢ -

كان الزوج يعمل في البحر؛ وكان منذ طفولته بحاراً كُتب عليه أن يلقى الحظوظ السود في أهول المعارك. فهو في المطر الواكف، وفي الهواء العاصف، محتوم عليه أن يخرج إلى الصيد لأن أطفاله يتضاغون من الجوع. . .!

يخرج في المساء إذا مد الماء وغمر سلالم الجسر، ثم يقود وحده سفينته ذات الشرع الأربعة، وتبقى الزوجة في البيت تخيط شراعاً، أو ترتق شبكة، أو تهيئ شصاً؛ وتراقب

<<  <  ج:
ص:  >  >>