لما انتصر المسلمون في وقعة بدر ونزلت الآية:(ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة، فاتقوا الله لعلكم تشكرون) أمر النبي صلوات الله عليه بالقتلى من صناديد قريش أن يُقذفوا في القليب (البئر) ثم وقف عليهم وقال - على ما جاءت به إحدى الروايات. (يا أهل القليب هل وجدتهم ما وعد ربكم حقاً؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً) فقيل له: تدعو أمواتاً؟، قال: ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يجيبون!)
وأخذ بهذه الرواية طائفة من المؤرخين، ولكن عائشة رضي الله عنها صححت هذه الرواية، واستدركت على من رواها وقالت: إنما قالت النبي: إنهم ليعلمون الآن أن ما كنت أقول لهم حق - وقد قال تعالي - (إنك لا تسمع الموتى - وما أنت بمسمع من القبور)
وعلى أن رواية عائشة هي الصحيحة التي توافق العقل والمنطق وتتفق وسمو خلقه العظيم صلوات الله عليه، فإن بعض الذين يتحدثون عما قاله النبي لأهل القليب من مؤرخي عصرنا لا يزالون يدعون رواية عائشة. وآخر من قرأنا لهم ذلك معالي الدكتور طه حسين بك في كتابه (الوعد الحق)
هذا وأن لعائشة لاستدراكات كثيرة على طائفة من الصحابة كبيرة.
فقد ذُكر عندها أن ابن عمر رفع إلى النبي: أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه. فقالت:، إنما قال رسول الله (إنه ليعذب بذنبه وأن أهله ليبكون عليه حسبكم القرآن (ولا تزر وازرة وزر أخرى)
وعن مسروق قال: قلت لعائشة يا أمتاه، هل رأى محمد ربه؟ فقالت لقد قفَّ شعري مما قلت! أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمداً رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت لا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير - وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب - ومن حدثك أنه يعلم ما في غدٍ فقد كذب - ثم قرأت: وما تدري نفس ماذا تكسب غداً ومن حدثك أنه كنتم فقد كذب - ثم قرأت: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك.
ومما ردتّه عائشة خبر ابن عمر وأبي هريرة (إنما الشؤم ثلاث فقالت، إنما كان رسول الله