قال لي: الأستاذ سيد قطب سأهدي إليك كتابي الأخير (كتب وشخصيات) على أن تستبقي قراءته إلى ما بعد عودتك إلى القاهرة، فلا ينبغي أن يشغلك عن الاستمتاع بهواء البحر القراءة والاطلاع. غير أني خالفته في نصيحته، فقرأته وهو يزيد على ثلاثمائة وخمسين صفحة
ولم تكن هذه الصحبة شاقة أو مملة، إذ أن فصول الكتاب منوعة حتى كأنك تتنقل من بستان إلى بستان أو من زهر إلى زهر. وليس غريبا أن تشبه الأدب بالأزاهير. فهو حقا زهر الفكر.
تحدث عن وظيفة النقد وأصوله، ثم انتقل إلى عالم الشعر ووقف عند العقاد الشاعر، ثم رحل إلى عالم القصة والرواية فطرق أبواب القصاص والروائيين، وحلب طرائقهم، ونفذ إلى صفحات نفوسهم. طه حسين، توفيق الحكيم، المازني، عزيز أباظة، خليل هنداوي، نجيب محفوظ، عادل كامل، محمود تيمور، يحي حقي، السحار. ثم طاف بالنفس والعالم فتحدث عن البيادر لميخائيل نعيمه، وأومن بالإنسان لخلاف، وسندباد عصري لحسين فوزي، والعناصر النفسية في سياسة العرب لشفيق جبري.
وانتقل بعد ذلك إلى البحوث والدراسات، فكتب عن عبد القادر حمزة وأنطون الجميل والزيات وعلي أدهم، واختتم الكتاب بالكلام عن التراجم والتاريخ موازنا بين العقاد وهيكل وطه، وبين المازني وعبد الرحمن صدقي وعبد الحليم عباس، وبين كرد علي وطه الراوي.
فأنت ترى أن العنوان موافق لمضمون الكتاب: استعراض لكثير من الكتب، وتحليل لشخصيات أصحابها.
والكتاب ظل لصاحبه، وفيض لنفسه، وهل يوجد كتاب بغير كاتب؟. وفي الحق إن