[من أمجاد الإسلام]
أسطول معاوية
للأستاذ محمود غنيم
بلغ أسطول معاوية زهاء ١٧٠٠ كاملة العدد والعدة، وقد اخضع البحر الأبيض ووصل إلى أسوار القسطنطينية فحاصرها حينا من الزمان.
لمن السفينُ يَلُحْنَ كالأعلامِ ... فوقَ العُباب نواشرَ الأعلامِ
يمخُرنَ باسم الله موجَ حضارة ... واسم الهدى ومبادئ الإسلام
يهتِفن بالتكبير لحناً شاجياً ... فتجيبُ أمواجُ الخضَمِّ الطامي
وَيثبنَ آونةً اسودَ عرينه ... ويطرن آونةً حمامَ سلام
يُمطرن بالجزر الدماَء. وربما ... كان الدمُ الموَّارُ صوبَ غمام
بعضُ الدَّم الموار ليس بمأثمٍ ... لكنه طُهرٌ من الآثام
هذى سفينُ الله سارت عَيلماً ... مترامياً في عيلم مُترَام
لم تدفع الريحُ الهبُوبُ قلاعها ... بل أقلعت بالوحي والإلهام
وحرارةِ الإيمان وهي حرارةٌ ... ما زادها الآذىُّ غيرَ ضِرام
إن تَسْرِ فالجُزرُ الحرام مباحةٌ ... أو تُرسِ فالشُطآنُ في استسلام
أزجى معاويةُ السفينَ تسيرُ أو ... ترسو بكل غَضَنْفرٍ ضِرغام
فكأن بحرَ الروم أصبح مُنبِتاً ... بعد الفلا للغاب والآجام
بدم الشهادةِ خضبوه فضاعَ من ... أرجانه أَرَجُ العباب الدامي
جمح العُبابُ فأسلسوه كأنما ... قبضت عليه أكُّفهم بزمام
جالت سنابك خيلهم في لُجهِ ... جَولانَها في مهْمَةٍ وَرِجام
واهم نفوس صافياتٌ صفوَ ما ... بقراره من لؤلؤٍ وتُؤَام
لله بحرُ الروم وهو بُحَيرَة ٌ ... عربيةُ اللَّهوات والأرحام
ومعاقل اليونان وهي محاربٌ ... مكتظَّة بالصُّوَّم القُوَّام
لله (رووِس) إذ تُصيخُ (وقبرصُ) ... لِصَدَى الأذانِ مرتَّلَ الأنغام
خاض المياهَ كأنما هو حُوتُها ... مَن كان يطوي البِيد بالأقدام