أما آن للتاريخ أن ينصف هذا المصري الفلاح وأن يحدد له
مكانه بين قواد حركتنا القومية؟
للأستاذ محمود الخفيف
ذكرنا أنه كان من نتائج تلك المذكرة المشؤومة اتحاد الوطنيين والعسكرين، ونذكر الآن أن عرابياً ما لبث يومها أن عاد في نظر الجميع الرجل الذي يجب أن يحرصوا على معونته، وتأهب عرابي ليأخذ دور الزعيم من جديد وقد كانت الزعامة تتزايل في نظر الناس عن شريف
ولقد أحس مالت بما كان للمذكرة من أثر في عودة عرابي إلى طليعة الصفوف فأوفد إليه في مكتبه بوزارة الحربية صديقه بلنت، وكان عرابي قد عين وكيلاً لهذه الوزارة كما بينا؛ وكان مالت يطمع في أن يكسب عرابياً إلى جانبه، أو على الأقل كان يتمنى أن يهدئ خاطره لعلمه بما يكون لمثل هذا العمل من عظيم الأثر في ذلك الموقف العصيب الذي سببته رعونة غمبتا وصاحبه
يقول بلنت: وقد ذهبت إلى ثكنة قصر النيل في ظهر يوم ٩ وكانت المذكرة قد وصلت في يوم ٨ فوجدت عر ابياّ وحدة في مكتبه، وهذه هي المرة الأولى والأخيرة التي رأيته فيها غاضباً، وكان وجهة كسحابة الرعد، وكان في عينة بريق خاص؛ وكان قد رأى نص المذكرة وإن كان لم ينشر بعد، وقد سألته كيف فهمها فقال: أخبرني كيف تفهمها أنت؟ وحينئذ أديت رسالتي فقال: لاشك في أن السير إدوارد ماليت يحسبنا أطفالاً لا نفهم معنى الكلمات. هذه لغة تحد وتهديد وليس في هذه الإدارة كاتب يستخدم هذه الألفاظ لغير هذا المعنى. ثم أشار إلى الفقرة الأولى التي ذكر فيها الأعيان وقال: هذا تحد لحريتنا وليس لإعلان اتحاد فرنسا وإنجلترا معنى إلا أن إنجلترا ستغزو مصر كما غزت فرنسا تونس. . . ثم قال: دعهم يأتون فكل رجل وطفل في مصر سيقاتلهم. ليس من مبادئنا أن نضرب الضربة الأولى ولكنا سنعرف كيف نردها. ثم قال فيما يختص بالمحافظة على عرش