اطلعنا في البريد الأخير على تفاصيل القرار الذي صدر في ألمانيا بتحريم النقد الأدبي والفني، والبواعث التي أملت بإصداره؛ ويقضي القرار الجديد بتحريم نقد المؤلفات الأدبية والفنية والموسيقية والمسرحية، ويشمل أيضاً المسرح والسينما والحفلات الموسيقية كما يشمل أشخاص المؤلفين والفنانين جميعاً، ولا يباح بمقتضى القرار الجديد سوى عرض الموضوعات ووصفها دون التعليق أو إبداء الرأي. وقد صدر من قبل قرار يقضي على الكتاب بأن يعنوا عند نقد المؤلفات الفنية بالتنويه بالمزايا السياسية والثقافية والجنسية للاشتراكية الوطنية
ويرجع هذا التحريم إلى رأي الوطنية الاشتراكية (أو الهتلرية) في الفن وهو أن الفن يجب أن يستمد إلهامه من المثل والخواص القومية، وأنه لا يوجد من أجل قيمته الذاتية فقط، ولكنه يوجد لخدمة مصالح الدولة والأمة
وقد بسط الدكتور جبلز وزير الدعاية الألمانية في بيانه الرسمي بواعث هذه الخطوة الحديثة، فذكر أن مهمة الفنان هي أن يحمل إلى الأمة (القوة مع السرور)، وأن النقد الفني لا يزال في ألمانيا يحمل طابع (الحرية اليهودية) على رغم جميع الجهود التي بذلت لمحو هذا الطابع؛ وإن أولئك الفتية الذين يزعمون اليوم أنهم أقطاب المعرفة والنقد يسيئون دون قصد إلى حياتنا الفنية والثقافية؛ وهم بلا ريب ورثة الأرستقراطية اليهودية الناقدة دون أن يشعروا. ثم قال إن ذلك لا يعني إخماد حرية النقد، ولكن القصد أن يقتصر النقد على أولئك الذي تؤهلهم معارفهم ومقدرتهم للحكم على أعمال الآخرين. وإنه ليس من الإنصاف أن يتصدى فتية أحداث في العشرين أو الثانية والعشرين لنقد أعمال رجال من أقطاب الفن قضوا أعمارهم في تفهمه وإتقانه وأحرزوا شهرة عالمية فيه، وإنه يجب أن يبدأ أولئك الفتية بالتمرن على الوصف والعرض، وإن باب النقد مفتوح للقادرين، ولكنهم لا يوجدون الآن، وإنه لا يريد أن يسقط الفنانون صرعى النقد الحر. هذا ولن يفقد الفن شيئاً إذا بعد أولئك النقدة الأغرار من الميدان، فالعظمة الزائفة تسقط في ظرف عام حتى ولو لم يقتلها النقد. أما ذوو العظمة الحقيقية فيجب أن يسمح لهم بحرية الابتكار والاحتفاظ بكرامتهم